لا يختلف اثنان على أن مخرجنا العظيم الراحل محمد خان هو واحد من أهم المخرجين في تاريخنا السينمائي، كما لا يختلف اثنان أيضا على أن الفنان سعيد شيمي هو واحد من أبرز مديري التصوير في السينما العربية،كلاهما قدم عددا من أهم الأفلام، وقدما سويا عددا من أميز وأهم تلك الأفلام.
غادر محمد خان دنيانا، ولم- ولن- تغادرنا سينما محمد خان، هذا أمر مؤكد.
لأسباب،قد يراها هو وجيهة، اعتزل الفنان سعيد شيمي عمله كمدير للتصوير السينمائي بعد أن أثرى الشاشة الفضية بآلاف الكادرات البديعة، وبعد أن أضاف الكثير لفن التصوير السينمائي، وأضاف أيضا لتقنيات التصوير؛ بل ولتكنولوچيا التصوير السينمائي على الأرض وتحت الماء ايضا. إذن اعتزل سعيد شيمي التصوير لكنه لم يعتزل السينما، وإنما فقط ترك الكاميرا وأمسك بالقلم ليضع خلاصة تجربته الطويلة على صفحات عدد من الكتب الهامة التي يثري بها المكتبة السينمائية العربية، والتي تصلح بقوة، بل وبالضرورة، لأن توضع ضمن مناهج التدريس بمعاهد السينما.
على صعيد آخر فإن صداقة تاريخية، ومنذ الطفولة، جمعت بين العملاقين محمد خان وسعيد شيمي، فكان لها أثر عظيم سواء على معنى وقيمة الصداقة نفسها، أو فيما قدماه سويا من إبداع سينمائي، وأقصد بإشارتي إلى معنى وقيمة الصداقة هنا ما قام به الأستاذ سعيد شيمي على مدار ثلاث كتب، أو-للدقة- ثلاثة أجزاء لكتاب واحد يتضمن رسائل محمد خان إلى سعيد شيمي خلال تغريبة خان قبل عودته لمصر، هذا الحفظ المعتني للخطابات، وهذه القراءة المحبة التي قام بها الصديق لخطابات صديقه فوجد فيها كل تلك القيمة التي تستحق أن يشرك معه فيها جمهور القراء وجمهور السينما على حد سواء.
الصداقة إذن كما يفهمها ويضرب لنا بها مثلا هذا الكتاب ثلاثي الأجزاء تنطوي، فيما تنطوي، على حفظ تاريخ وتراث الصديق ونقله وإشاعة ما فيه من قيمة بين عموم الناس، فتمتد سيرة الصديق الراحل وتكتسب أبعادا جديدة تعني القراء والمشاهدين وتاريخ السينما بقدر ما تعني الصديق الأمين على هذا التراث والناشر له…
شكرا للفنان الأستاذ سعيد شيمي على هذه الإضافة الجميلة الهامة والموحية لتاريخنا السينمائي وللصورة الجميلة لمخرجنا الراحل محمد خان، وكذا لمعنى وقيمة الصداقة كما ينبغي ان تكون.
طارق فهمي حسين.
مارس ٢٠٢٠