الأحد، 11 أغسطس 2024

 #المقاطعة

#قاطعوا_يرحمكم_الله

==============

ملاحظات حول المقاطعة:

١- مقاطعون ولكن!

في الايام القليلة الماضية، وخلال بعض الزيارات الاجتماعية لاحظت ما يلي:

في إحدى الزيارات وجدت على المائدةً مشروبا غازيا من منتجات إحدى الشركات الموجودة على قائمة المقاطعة واعلنت استنكاري فاجابتني اخت غالية ، ضيفة مثلي ، بأنها هي من أحضرت هذا المشروب وليس أهل البيت فأبديت دهشتي الشديدة لعلمي بأنها من أشد المتحمسين للمقاطعة؛ فأجابتني بابتسامة اعتذارية بأنه: "أصلي باحب المشروب ده قوي" !!!

——————

 في زيارة أخرى لصديق دائما ما يتعامل مع القضايا الوطنية والقومية بحماس شديد بل ويعتبرها قضايا شخصية حتى أنه كثيرا ما يشكو من ارتفاع ضغط الدم بسبب انفعاله بالأحداث العامة؛ أيضا وجدت على مائدته مشروب النعناع المخلوط بمياه غازية، وهو مشروب لذيذ الطعم بكل تأكيد، ولا أدري لماذا استفسرت عن نوع " الصودا ليمون" المخلوط مع النعناع، رغم علمي الأكيد بحماس هذا الصديق لحملة المقاطعة، ففوجئت بأنه بالفعل أحد المشروبات التي تنطبق عليها المقاطعة! سألته معاتبا: ليه؟ فأجاب بأنه استثنى هذا المشروب لكونه الأفضل لصنع مشروب النعناع المخلوط بالصودا!!!


عزيزي المقاطع، عزيزتي المقاطعة: 


المقاطعة استغناء تام طالما لا نتحدث عن الدواء والعلاج ( أيضا في حال عدم وجود بديل)، فإذا لم يوجد بديل محلي ( أو صيني أو تركي أو ماليزي أو أندونيسي أو لبناني أو تونسي أو أسباني أو إيرلندي أو… إلخ) لمشروبك المفضل أو وجبتك السريعة أو مسحوق غسيلك أو معجون أسنانك المفضل أو غيرها فلتستغني عنه تماما، وإذا كنت تجد صعوبة وضعف إرادة عن الاستغناء، فتذكر أن أهلنا في غزة أطفالا ورجالا ونساءا استغنوا- مجبرين- عن كسرة الخبز وجرعة الماء بل وعن أرواحهم ذاتها ( نحو أربعين ألف شهيد حتى الآن) تحت وطأة حرب الإبادة الصهيونية المدعومة من كوكاكولا وبيبسي كولا وستاربكس وماكدونالدز وأمازون وغيرها علنا ، فلا أقل من أن نتوقف عن تمويل ممولي قتلة أهلنا وفلذات أكبادنا، وهذا أضعف الإيمان.

————————-

٢- غير مقاطعين!

هؤلاء ( غير المقاطعين) ينقسمون ، بعد استبعاد المتصهينين وذوي الجلود السميكة والدم البارد، إلى فئتين:

فئة المعتقدين في عدم جدوى المقاطعة وأنه لا تأثير لها على أرباح ونشاط تلك الشركات.

 وفئة الرافضين لمبدأ المقاطعة حرصا - في ظنهم- على أقوات وارزاق المصريين العاملين في المصانع والمحلات المحلية لتلك الشركات الأجنبية!

للفئة الأولى أقول: 

أحيلكم إلى الأخبار والتقارير العالمية شبه اليومية حول خسائر بعض تلك الشركات وانخفاض أرباح بعضها، وتدهور أسهمها بالبورصات العالمية، بل وانسحاب بعضها من دول بكاملها نتيجة المقاطعة، والتي أذكر بأنها ليست مقصورة على " بعض" البلاد العربية وإنما تشمل المقاطعة العديد من شعوب العالم بما في ذلك بعض دول منشأ تلك الشركات نفسها ( ممن ليسوا عربا ولا مسلمين)، لذا فأتمنى عليهم إعادة النظر في موقفهم؛ بل وازيد أنه حتى لو سلمنا جدلا أن المقاطعة غير مجدية، والأمر ليس كذلك كما أسلفت، فلنقاطع علها تكون حجة لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون.


أما الفئة الثانية:

فدعونا نتذكر معا، وبعيدا عن المقاطعة، ما الذي حدث حين توقفت سلسلة مطاعم ومبي ( الاصلية) على مستوى العالم، أو الذي حدث - في زمن أحدث- حين أغلقت راديو شاك فروعها( أكثر من ١١٠٠ متجر في الولايات المتحدة وحدها).

ما الذي حدث في الحالتين؟ (كمجرد امثلة) 

هل تشرد العاملون بفروع ومبي أو راديو شاك في مصر؟

لم يحدث، بل استمرت كل الفروع في العمل بما تملك من مقرات ومعدات وخبرات العاملين بها، البعض غير الإسم أو " حوره" واستمر، فشهدنا مطعم " وهبي " الزمالك، واستمر ومبي مدينة نصر حاملا نفس الإسم لسنوات طويلة بعدها( والمعترض يورينا نفسه!) ، والبعض حصل على توكيل آخر في نفس المجال ( كوك دور هدى شعراوي كمثال)، وفي الحالة الثانية شهدنا مثلا " راديو شاكر" في شارع ٩ بالمعادي، والذي عدل الإسم مرة ثانية فعاد إلى راديو شاك لكن بعد حذف حرف ال C فأصبح 

 Radio shak !

 وغيرها من وسائل " التحايل على المعايش" التي لا تخلو منها جعبة الشعب المصري المدهش والمحير معا.

بالطبع كنا نحلم بمقاطعة رسمية تقوم بها الدولة كشكل من اشكال مساندة شعبنا الفلسطيني في حرب الإبادة التي تمارس ضده، لكن هذا الحلم مدفون منذ عقود في منشية البكري.

كما كنا نحلم حلما أكثر تواضعا بأن تقوم الراسمالية الوطنية المصرية من جانبها بالمقاطعة فتقوم بفسخ عقود وكالتها لتلك الشركات الداعمة للصهيونية والاستمرار في النشاط بمنتجات بديلة، لكن هذا الحلم ايضا مدفون منذ عقود في قبر كتب على شاهده: "هنا يرقد تحالف قوى الشعب العامل"، كما أننا في زمن رأس المال الذي لا وطن له( ولا دين ولا ملة)، ولعلي أتواضع بالحلم إلى مستوى مناشدة أصحاب المطاعم ومحال البقالة والأكشاك المشاركة في المقاطعة بعدم عرض تلك الأصناف من الأساس، لكن الواقعية تقتضي - على الأقل- التأكيد على المقاطعة الفردية على طريقة المقاومة اليدوية للآفات الزراعية ، والتي كانت دائما الوسيلة الأفعل والأسلم للقضاء على تلك الآفات.

قاطعوا يرحمكم الله.


                  طارق فهمي حسين

                    أغسطس 2024