الجمعة، 28 ديسمبر 2018

زمن الممبوزيا

زمن الممبوزيا
=======



إلتقطتُ هذه الصور في الصيف الماضي حين قادتني خطوات الحنين إلى "نادي القاهرة الرياضي " مرتع الصبا والشباب ،  ففوجئت بكميات الممبوزيا المُتساقطة علي الأرض ولايلتفت إليها أحد من الأطفال والصبية والشباب !
قُلتُ لنفسي رُبما كان انتشار الوعي الصحي بين الأجيال الجديدة هو الذي يمنعهُم من التهام ثمار الممبوزيا الشهية ، لكني انتبهت إلى أن هذه الأجيال الجديدة هي نفسها التي تُقبل علي مطاعم الوجبات السريعة وأكياس المُقرمشات المحفوظة بجنون يتنافى مع أي وعي صحي مزعوم !
وتذكرت سنواتُ الصبا حين كُنا نتسابق علي تسلُق أشجار الممبوزيا بالنادي في موسم الصيف لنقطف ثمارها أو حتى نلتقطها من علي الأرض ونغسلها لنأكُلها في سعادة بالغة ، بل ونملأ الأكياس لنأخُذها معنا إلى بيوتنا ، وتذكرت بالطبع أشهر فرسان تسلُق أشجار الممبوزيا وعلى رأسهم صديقي الجميل أُسامة أنور ، وكذا صديقي شريف رامي الشهير بــ ( بروس لي ) ، وتذكرتُ يوم حادث سقوط أُسامة أنور من أعلى شجرة الممبوزيا المُلاصقة لسور النادي الخلفي فاخترق أحد أسياخ السور ساقه كالحربة وكانت إصابة جسيمة ، لكن هذا لم يمنع صديقنا المتهور أبداً أُسامة من العودة لتسلق أشجار الممبوزيا بمُجرد تماثله للشفاء ، وكذا مُمارسة كافة نشاطاته المتهورة الأُخرى والتي كان كُل النادي يدهش لها ، ويُعجب بها في ذات الوقت !!!
عقود مرت لم أر فيها صديق الصبا أُسامة أنور حتى جمعني به الـ Facebook مؤخراً ، وإن كانت الفُرصة لم تسنح بعد لألقاه شخصياً حتى أعرف إن كانت كُل تلك السنوات قد سلبته ذلك التهور الجميل أم مازال يحتفظ به كما أرجو .
وبقي في نفسي التساؤل : " أين فُرسان الممبوزيا في الأجيال الجديدة لنادي القاهرة " ؟
وفي اليوم التالي ذهبتُ إلى مقر عملي مُصطحباً معي علبة بها بعض ثمار الممبوزيا ، واستدعيتُ مرؤسيي في العمل ، وهُم من الشباب والشابات بين الثلاثينيات والأربعينيات من العُمر ،وسألتهُم بكُل جدية : " مين فيكُم يعرف الممبوزيا ؟ ففوجئت بصمتٍ تام إذ لم يكُن لدى أي منهُم أدنى فكرة عن الممبوزيا !!! فأخرجتُ العلبة وفتحتها عارضاً عليهم ثمار الممبوزيا فنظروا إليها بدهشة وكأني أعرضُ عليهم بعضُ أحجار المريخ ! فأوضحتُ لهُم ماهي وعرضتُ عليهم تذوقها فاعتذروا جميعاً بكُل ريبة وتخوف !!!
هُنا أدركتُ - أخيراً - أن زمن الممبوزيا قد ولى آخذاً معه أشياءاً كثيرة جميلة ...
طارق فهمي حسين
ديسمبر ٢٠١٨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق