الخميس، 26 سبتمبر 2019

فاطمة عادل يا جماعة !

فاطمة عادل يا جماعة !
==========
عندما تذهب للإستمتاع بفريق غنائي جميل إسمه " رترو " تجد فاطمة عادل نجمة مُنألقة في قلبه ، و عندما تسمع عن فريق غنائي إسمه " إتنين من شُبرا" تجد أن " فاطمة عادل" هي واحدة من هذين الإثنين ، و عندما يُسعدك الحظ بسماع و مُشاهدة فرقة " حبايبنا " تجد " فاطمة عادل " أيضاً جوهرة مُتلألئة في هذه الفرقة الجميلة !
أمرٌ مُثير للدهشة و التساؤل : لماذا و كيف تتقاطع كُل هذه الفرق عبر صوت فاطمة عادل و طلتها الجميلة و أدائها العذب ؟! لكنك مع تكرار السمع و التعمُق في ملامح هذا الصوت تكتشف ، و بسهولة ، أن فاطمة عادل تمتلكُ فائضاً من موهبة و جزالة في الصوت ، يفيض عن أن يستوعبه نشاطٌ موسمي أو دوري لفريق غنائي واحد ، أو حتى حفلاتٌ مُتباعدة تُغني فيها بشكل فردي ، حين أتأملُها علي المسرح و هي تهيم مع الغناء و تغيب في عالمها الطربي أكاد أظُن أنها لا تُدرك أين هي أو أن هُناك جمهوراً يستمعُ إليها ، بل أظُن أن فاطمة عادل تُغني في طريقها للذهاب إلى المسرح الذي ستُغني عليه ، و تُغني في طريق عودتها ، و تُغني لأطفالها حين توقظهم و حين تُهدهدهم ليناموا ، تُغني حين تفرح و تُغني حين يمسها حُزنٌ ما ، و رُبما تتسلل إلى طابور الصباح في إحدى مدارس البنات مُستغلةً وجهها الطفولي لتذوب بين التلميذات و تُغني معهن في طابور الصباح ! أغلبُ ظني أن هذه الشابة المصرية الجميلة " ممسوسة " بالغناء علي نحو ما ، لذا فمن البديهي ألاتخلوا ساعة من يومها من الغناء ، و ألا يخلو الغناء من فاطمة عادل !
و لعل السطور السابقة توحي بأن هذه المُطربة الموهوبة كثيفة الحضور واسعة الإنتشار ، في حين أن الواقع هو على العكس من ذلك تماماً ، فرغم كُل ما ذكرت فإن الساحة الفنية الغنائية تشهد " نُدرة " ظهور فاطمة عادل ، و تلك مُفارقة عجيبة لا أجد لها تفسيراً !!!
أما فاطمة عادل المُمثلة الموهوبة ، فقصةٌ أُخرى و مُعضلةٌ من نوعٍ آخر ، و إن تشابهت مع لُغز " المُطربة " ،إذ أنه رغم ما حققته فاطمة عادل من إسم و مكانة فنية كمُطربة و مُمثلة موهوبة و قديرة ، إلا أن الفجوة بين ما حققت و ما تستحق مازلت كبيرة حتي الآن.

طارق فهمي حسين
سبتمبر ٢٠١٩
=======
الصورة بعدسة شاعر مصر الكبير : زين العابدين فؤاد .

د. جلال أمين .


أعزي وطني العربي وأعزي الفكر الإنساني وأعزي نفسي في واحد من أعز الكتاب والمفكرين إلى عقلي وقلبي د. جلال أمين .
كان لقائي الأول معه عبر كتابه الرائع "ماذا حدث للمصريين" وهو الكتاب الذي لم يكتبه من برج عاجي كأكاديمي وأستاذ بالجامعة الأمريكية ، وإنما بعين مصرية راصدة وغارقة في واقعنا الإجتماعي حتى الثمالة ، وما أن فرغت من القراءة الثانية لهذا الكتاب حتى صرت كالمندوه أسعى وراء كل مانشر له من كتب فأقرأه .
ولما كان من حظي أنني أسكن في ذات الحي الذي يقطنه هذا المفكر الكبير ، بل وعلى بعد شارعين فقط من بيته ، فقد أسعدني الحظ غير مرة بمصادفته في الطريق يسير بجسده الضخم المهيب بخطى النساك والزهاد ، وفي إحدى المرات إستوقفته لأثني على أحد كتبه و أقول له - صادقا - أنني من شدة إعجابي بالكتاب أشتريت عددا من النسخ وصرت أهديها لمن يهمني أمرهم وأمر وعيهم ، فلمعت عيناه واتسعت إبتسامته الودودة وأجابني مداعبا : " يبقى إنت السبب في زيادة توزيع الكتاب " .
بدأت هذه السطور ساعيا إلى رثاء الراحل العظيم ، لكن إبتسامته الطيبة الواسعة وعيناه النافذتان المطمئنتان بالعلم والوعي والرضا وروح الدعابة عنده والتي لمستها بشدة في المرتين اللتين أسعدني الحظ بالتحدث معه فيهما ، فرضت نفسها على الموقف فوجدتني أبتسم ، كما أن تداعيات ذكريات حياته الشخصية على مدار عمره والتي أشركنا فيها جميعا بكل رحابة صدر ونقاء سريرة عبر أكثر من كتاب مثل "ماذا علمتني الحياة ، ورحيق العمر ، بعض هذه الذكريات وتلك المواقف التي رواها بتلقائية وصدق شديدين في تلك الكتب ، بعضها يجعلني في هذه اللحظة أقهقه عاليا حتى تغرورق عيناي بالدموع !
لكني أعود فأستشعر فداحة الخسارة التي وقعت علينا برحيله فيثقل الحزن العميق قلبي ، ثم أسأل نفسي : أليس الموت حق ؟ بلى ، أليس هو المحطة الأخيرة والأكيدة لنا جميعا في هذه الدنيا قبل بدء رحلة الأبدية ؟ بلى .
ففيم إذن كل هذا الحزن ؟ و أين هي الخسارة ؟
الواقع أن الخسارة الحقيقية والفادحة بحق ليست في رحيل رجل عظيم مثل د. جلال أمين ، وما أكثر من رحلوا من عظماء ، وإنما في أن مثل هذا الرجل كان حتى الأمس يعيش بين ظهرانينا - وغيره من العظماء في شتى المجالات - لكنهم يهمشون ويتم التعتيم عليهم وتجاهل علمهم ودراساتهم و طرحهم للحلول فلا تستفيد الأمة من نعمة وجودهم بيننا .
يوما قرأت مقولة فحواها أنه : "من الصعب على ذوي العقول الكبيرة أن يدركوا مدى ما يثيرونه من فزع في نفوس غير الموهوبين "
وقد كان د. جلال أمين عقلا كبيرا بحق ، وأظنه قد أثار الكثير الكثير من الفزع في تلك النفوس الضئيلة .
واليوم يرحل جلال أمين كما رحل عبد الوهاب المسيري وجمال حمدان ورشدي سعيد وأحمد مستجير وسرب طويل من الطيور البيضاء الناصعة لتبقى مصر وأمة العرب أسيرة ضفادع المستنقع حتى إشعار آخر ...

طارق فهمي حسين
٢٥ سبتمبر ٢٠١٨
في عشق ماجده ...
==========

هذا البوست بمُناسبة جدل مرح و ضاحك بيني و بين صديقات و أصدقاء أعزاء حول الفنانة ميرفت أمين إتسع ليشمل أسماء بعض جميلات السينما حتي ذكرتُ أنا إسم الجميلة ماجده الصبّاحي فتحفظ البعض على جمال ماجده و مُقارنته بالجميلات سُعاد حُسني و ناديه لُطفي و ميرفت أمين ، و كُلهن في رأيي كمُراهق قديم في السبعينيات عاصر سطوعن جميعاً ، كُلهن جميلات بل جميلات جداً ، و محاولة ترتيبهن من حيثُ الأكثر و الأقل جمالاً تصطدم بالضرورة بعائق اختلاف الأذواق ، أما محاولة إستبعاد " ماجده الصبّاحي " من بينهن ، أو حتى إزاحتها لمسافة ، فتصطدم بالتأكيد و بالضرورة بشخصي الضعيف العنيد ... القديم ، لذا لزم عليّ أن أمتشق قلمي أو - للدقة - " كي بوردي " مُدافعاً عن بعض " ثوابتي :
====================
أختلف مع كثيرين سواء حول جمال الفنّانة ماجده الصبّاحي ، و التي أراها من أجمل الوجوه في تاريخ السينما المصرية ، أو حول أدائها التمثيلي الذي يرى فيه الكثيرون مُبالغة لا يستسيغونها ، في حين أرى في أداء ماجدة و ارتعاشة صوتها ما يُناسب ما أدته من أدوار ، و من يُريد أن يتأمل عبقرية الأداء عند ماجده الصبّاحي فليُراقب تطور أدائها في فيلم " أين عُمري " مثلاً و كيفية فهمها للتحول من التلميذة البريئة الساذجة إلى الزوجة المُعذبة لرجُل كهل شديد القسوة ، و ترجمتها لهذا التحول في كُل تفاصيل الأداء للشخصية .، و لُنشاهد أيضاً دورها في فيلم الغريب أمام العملاق يحيى شاهين ( المُتهم هو الآخر بالمُبالغة ) حيثُ أن كلاهُما - في رأيي المتواضع - جسد ببراعة معنى الأداء الكلاسيكي كما ينبغي ، و هو الإسلوب الوحيد الذي يُناسب تجسيد مثل هذه الأعمال الروائية الكلاسيكية كمُرتفعات وذرينج المأخوذ عنها الفيلم ، و قد شاهدتُ الفيلم الإنجليزي المأخوذ عن نفس الرواية و تابعت أداء أبطاله فتأكدت لي عظمة أداء و موهبة ماجده الصبّاحي و يحيى شاهين .
ناهيك عن الدور الذي أدته ماجده الصبّاحي كُممثلة و مُنتجة في تاريخ السينما العربية ، و بل و في تاريخنا الإجتماعي أيضاً ، و هو دورٌ أزعُم أنه لا يوجد من يطاول قامتها فيه سوى رُبما المُنتجة آسيا ، لكن تبقى ماجدة متفوقةً عليها بفارق تفوقها عن آسيا في الأداء التمثيلي ، فضلاً عن الجمال الظاهر و الكامن والذي ليس بالضرورة أن يفهمه الكثيرون .

                                                                                                    طارق فهمي حسين
                                                            سبتمبر ٢٠١٩
 

بوح المُبدعين / أُسامة الرحيمي .

#هذا_الكتاب #بوح_المُبدعين #أُسامة_الرحيمي



و كأن الكاتب الصحفي أُسامة الرحيمي واحدٌ من كتيبة الجيل الذهبي للصحافة المصرية ، و كأنما إدخره الزمان و "أجّل " ظهوره عن ذلك الجيل لنُعاصره الآن فتسقُط حُجة بعضنا في الترحُم علي الصحافة المصرية والشكوى من اختفاء الموهوبين المُلتزمين مهنياً و أخلاقياً المتمكنين من أدواتهم و المُدركين لدور الصحافة الأوسع و الأشمل من " الخبرية " و المتجاوز حدود الخبر إلى الثقافة و التثقيف .
عن كتابه الهام " بوح المُبدعين " أتحدث ، حيثُ يضُم الكتاب ثلاثين حواراً صحفياً مع ثلاثين من المُبدعين و المُفكرين في مُختلف المجالات .
المُقدمة التي وضعها الكاتب أُسامة الرحيمي للكتاب جديرةٌ في حد ذاتها بأن تشملها مناهج التدريس بكُليات الإعلام و أقسام الصحافة ، فهي دليلٌ حقيقي لكُل صحفي أو طالب صحافة يأخُذ هذه المهنة على محمل الجد و الاحترام للمهنة و للقاريء و لنفسه ، فلم يبخل أُسامة الرحيمي في مُقدمته بأي من أسرار و حرفيات و آداب الحوار الصحفي كما يلتزم هو بها ، و كما ينبغي أن تكون ، ذلك علي عكس ما يفعله الكثير من الكبار - ليس في مجال الصحافة وحده - من الإحتفاظ بأسرار النجاح لأنفسهم بُخلاً بها و حرصاً على الإحتفاظ بما يظنونه " سر تميزهم " ، لم يفعل أُسامة الرحيمي مثلهم ، و إنما فتح خزانة أسرار تميزه الكبير في إجراء الحوارات الصحفية لكُل قاريء للكتاب ، و لا أظنه فعل ذلك عن " سذاجة " ، بل رُبما يتهمه البعض " بالدهاء " إذ يفعل ذلك ليتلقى المديح و الثناء ، و هو مُدرك و مُطمئن تماماً أن " بوحه " بكُل أسرار " الصنعة " ليس كافٍ وحده لمطاولة ذيل ثوب نجاح أُسامة الرحيمي ، فإرشاداته في المُقدمة مسكونة بتوافر شروط قد تكون " تعجيزية " للكثيرين ، من ذلك التمتُع بالدأب و الصبر على قراءة او مشاهدة  كُل أعمال الشخصية التي سيُجرى معها الحوار، و أن يتمتع الصحفي بمخزون ثقافي كالذي بناه لنفسه أُسامة الرحيمي على مدار عقود ، فضلاً عن الحس الإنساني و الالتزام الأخلاقي الذي يتمتع به أُسامة الرحيمي ، و الذي لايتوافر إلا لقلة نادرة من البشر فما بالنا بالصحافيين ؟!
إنتقاء ضيوف حوارات أُسامة الرحيمي في هذا الكتاب إنتقاءٌ عجيب و مُثير للدهشة و الإعجاب معاً ، فكأنما شكل أُسامة الرحيمي داخل ذاته لجنة مُحايدة متنوعة الآراء و الاهتمامات و الانحيازات أيضاً فلا نجد الأسماء المُختارة تحكُمها الشُهرة مثلاً ( بالمعنى الجماهيري الواسع ) و هذا لا ينفي أن أغلبهم من المشاهير بل من الأوسع شُهرة و في مُختلف مجالات الإبداع ، من نجيب محفوظ إلى محمود حميدة ، لكننا نجد أيضاً بين الأسماء من هُم من ذوي القيمة الكبيرة و الهامة و إن لم ينلهم بريق الشُهرة الجماهيرية العريضة ربما لطبيعة إهتماماتهم و تخصصاتهم حيناً ، أو لزهدهم و ترفعهم أحياناً ، فيأتي حوار أُسامة الرحيمي ليُسلط الضوء و يُزيح الظل عن شموس جديرة بالسطوع .
كما أننا لانجد أن أُسامة الرحيمي يقتصر على التحاور مع شخصيات يؤمن بها و ينحازُ إليها مُسبقاً ، بل تتسع دائرة حواراته لتشمل البعض ممن له تحفظ أو آخر عليهم - كما يُفصح في بعض مُقدمات الحوارات ، و لعل بعضنا كقُراء يُشاركه هذا التحفُظ أو ذاك تجاه هذه الشخصية أو تلك ، و هُنا تظهر - و على مدار الحوار - التركيبة أو الوصفة السحرية لحوارات أُسامة الرحيمي الذي يأتي لمحاوره حاملاً " تحفظاته و محولاً إياها إلى " تساؤلات " محُملة بكُل التهذيب و الانفتاح علي كُل الإجابات- مُفسحاً بنعومة شديدة - المجال لضيفه لتفسير نفسه و شرح دوافعه ، و قد لمستُ كقاريء أن انفتاح المحاور أُسامة الرحيمي و استعداده لتفهُم الدوافع لدى ضيفه ، هو انفتاح حقيقي مُفعم بالإنسانية خالي من الأحكام القاسية و المثالية المزعومة ، و ليس مُجرد حيلة صحفية أو فخ منصوب للضيف ، حتي أن ذلك جعلني أنا كقاريء لديه أحياناً ذات التحفُظات تجاه هذه الشخصية أو تلك ، جعلني أخرُج من بعض الحوارات بنظرة مُختلفة للضيف عما كانت لدي تجاهه قبل قراءة الحوار !
الكلام عن هذا الكتاب / المرجع الهام يُمكن أن يطول بل و أن يُقارب عدد صفحات الكتاب ذاته ، و ذلك لشدة أهميته و لتعددُ مستويات الفهم و المعاني التي تشملها دفتي هذا الكتاب " بوح المُبدعين ".
ثلاثون حواراً مُتميزاً مع ثلاثين مُبدعاً في مُختلف مجالات الإبداع الفني و الأدبي و الإنساني ، من الشيخ أبو العنين شعيشع و د. محمود حافظ إلى سعيد شيمي و محمود حميدة و داوود عبد السيد و المُخرج المسرحي أحمد إسماعيل ، و من محمد سلماوي و أحمد عبد المُعطي حجازي إلى إبراهيم عبد المجيد و محمد المخزنجي و منى الشيمي و حتى بطرس غالي ، ثلاثون حواراً لن تجد فيها أسئلة مما عهدناه أحياناً كثيرة ، جميع أسئلة هذه الحوارات ، و بالتالي إجاباتها " منزوعة السطحية " لذا لزم التنويه .
حوارات أُسامة الرحيمي في هذا الكتاب تُعرفنا من جديد على بعض من ظننا أننا عرفناهم طويلاً و جيداً من المُبدعين ، و تُقدم لنا بعض ممن لم نعرفهم و كان يجدر بنا أن نعرفهم ، حوارات هذا الكتاب تستفزنا و تحفزنا للإطلاع علي ما لم يسبق لنا الإطلاع عليه من أعمال هؤلاء المُبدعين ، بل و إعادة الإطلاع على ماسبق لنا الإطلاع عليه من جديد ، و هاأناذا مثلاً أسعى وراء كُل ما تصل إليه يدي من إبداعات د. محمد المخزنجي ، و كذا إعادة الإستماع لكُل ما يُمكنني من قراءات الشيخ أبو العنين شعيشع للقُرآن الكريم...
            
                                                                                                   طارق فهمي حسين
                                                                                                     سبتمبر ٢٠١٩