#هذا_الكتاب #بوح_المُبدعين #أُسامة_الرحيمي
و كأن الكاتب الصحفي أُسامة الرحيمي واحدٌ من كتيبة الجيل الذهبي للصحافة
المصرية ، و كأنما إدخره الزمان و "أجّل " ظهوره عن ذلك الجيل لنُعاصره
الآن فتسقُط حُجة بعضنا في الترحُم علي الصحافة المصرية والشكوى من اختفاء
الموهوبين المُلتزمين مهنياً و أخلاقياً المتمكنين من أدواتهم و المُدركين
لدور الصحافة الأوسع و الأشمل من " الخبرية " و المتجاوز حدود الخبر إلى
الثقافة و التثقيف .
عن كتابه الهام " بوح المُبدعين " أتحدث ، حيثُ يضُم الكتاب ثلاثين حواراً صحفياً مع ثلاثين من المُبدعين و المُفكرين في مُختلف المجالات .
المُقدمة التي وضعها الكاتب أُسامة الرحيمي للكتاب جديرةٌ في حد ذاتها بأن تشملها مناهج التدريس بكُليات الإعلام و أقسام الصحافة ، فهي دليلٌ حقيقي لكُل صحفي أو طالب صحافة يأخُذ هذه المهنة على محمل الجد و الاحترام للمهنة و للقاريء و لنفسه ، فلم يبخل أُسامة الرحيمي في مُقدمته بأي من أسرار و حرفيات و آداب الحوار الصحفي كما يلتزم هو بها ، و كما ينبغي أن تكون ، ذلك علي عكس ما يفعله الكثير من الكبار - ليس في مجال الصحافة وحده - من الإحتفاظ بأسرار النجاح لأنفسهم بُخلاً بها و حرصاً على الإحتفاظ بما يظنونه " سر تميزهم " ، لم يفعل أُسامة الرحيمي مثلهم ، و إنما فتح خزانة أسرار تميزه الكبير في إجراء الحوارات الصحفية لكُل قاريء للكتاب ، و لا أظنه فعل ذلك عن " سذاجة " ، بل رُبما يتهمه البعض " بالدهاء " إذ يفعل ذلك ليتلقى المديح و الثناء ، و هو مُدرك و مُطمئن تماماً أن " بوحه " بكُل أسرار " الصنعة " ليس كافٍ وحده لمطاولة ذيل ثوب نجاح أُسامة الرحيمي ، فإرشاداته في المُقدمة مسكونة بتوافر شروط قد تكون " تعجيزية " للكثيرين ، من ذلك التمتُع بالدأب و الصبر على قراءة او مشاهدة كُل أعمال الشخصية التي سيُجرى معها الحوار، و أن يتمتع الصحفي بمخزون ثقافي كالذي بناه لنفسه أُسامة الرحيمي على مدار عقود ، فضلاً عن الحس الإنساني و الالتزام الأخلاقي الذي يتمتع به أُسامة الرحيمي ، و الذي لايتوافر إلا لقلة نادرة من البشر فما بالنا بالصحافيين ؟!
إنتقاء ضيوف حوارات أُسامة الرحيمي في هذا الكتاب إنتقاءٌ عجيب و مُثير للدهشة و الإعجاب معاً ، فكأنما شكل أُسامة الرحيمي داخل ذاته لجنة مُحايدة متنوعة الآراء و الاهتمامات و الانحيازات أيضاً فلا نجد الأسماء المُختارة تحكُمها الشُهرة مثلاً ( بالمعنى الجماهيري الواسع ) و هذا لا ينفي أن أغلبهم من المشاهير بل من الأوسع شُهرة و في مُختلف مجالات الإبداع ، من نجيب محفوظ إلى محمود حميدة ، لكننا نجد أيضاً بين الأسماء من هُم من ذوي القيمة الكبيرة و الهامة و إن لم ينلهم بريق الشُهرة الجماهيرية العريضة ربما لطبيعة إهتماماتهم و تخصصاتهم حيناً ، أو لزهدهم و ترفعهم أحياناً ، فيأتي حوار أُسامة الرحيمي ليُسلط الضوء و يُزيح الظل عن شموس جديرة بالسطوع .
كما أننا لانجد أن أُسامة الرحيمي يقتصر على التحاور مع شخصيات يؤمن بها و ينحازُ إليها مُسبقاً ، بل تتسع دائرة حواراته لتشمل البعض ممن له تحفظ أو آخر عليهم - كما يُفصح في بعض مُقدمات الحوارات ، و لعل بعضنا كقُراء يُشاركه هذا التحفُظ أو ذاك تجاه هذه الشخصية أو تلك ، و هُنا تظهر - و على مدار الحوار - التركيبة أو الوصفة السحرية لحوارات أُسامة الرحيمي الذي يأتي لمحاوره حاملاً " تحفظاته و محولاً إياها إلى " تساؤلات " محُملة بكُل التهذيب و الانفتاح علي كُل الإجابات- مُفسحاً بنعومة شديدة - المجال لضيفه لتفسير نفسه و شرح دوافعه ، و قد لمستُ كقاريء أن انفتاح المحاور أُسامة الرحيمي و استعداده لتفهُم الدوافع لدى ضيفه ، هو انفتاح حقيقي مُفعم بالإنسانية خالي من الأحكام القاسية و المثالية المزعومة ، و ليس مُجرد حيلة صحفية أو فخ منصوب للضيف ، حتي أن ذلك جعلني أنا كقاريء لديه أحياناً ذات التحفُظات تجاه هذه الشخصية أو تلك ، جعلني أخرُج من بعض الحوارات بنظرة مُختلفة للضيف عما كانت لدي تجاهه قبل قراءة الحوار !
الكلام عن هذا الكتاب / المرجع الهام يُمكن أن يطول بل و أن يُقارب عدد صفحات الكتاب ذاته ، و ذلك لشدة أهميته و لتعددُ مستويات الفهم و المعاني التي تشملها دفتي هذا الكتاب " بوح المُبدعين ".
ثلاثون حواراً مُتميزاً مع ثلاثين مُبدعاً في مُختلف مجالات الإبداع الفني و الأدبي و الإنساني ، من الشيخ أبو العنين شعيشع و د. محمود حافظ إلى سعيد شيمي و محمود حميدة و داوود عبد السيد و المُخرج المسرحي أحمد إسماعيل ، و من محمد سلماوي و أحمد عبد المُعطي حجازي إلى إبراهيم عبد المجيد و محمد المخزنجي و منى الشيمي و حتى بطرس غالي ، ثلاثون حواراً لن تجد فيها أسئلة مما عهدناه أحياناً كثيرة ، جميع أسئلة هذه الحوارات ، و بالتالي إجاباتها " منزوعة السطحية " لذا لزم التنويه .
حوارات أُسامة الرحيمي في هذا الكتاب تُعرفنا من جديد على بعض من ظننا أننا عرفناهم طويلاً و جيداً من المُبدعين ، و تُقدم لنا بعض ممن لم نعرفهم و كان يجدر بنا أن نعرفهم ، حوارات هذا الكتاب تستفزنا و تحفزنا للإطلاع علي ما لم يسبق لنا الإطلاع عليه من أعمال هؤلاء المُبدعين ، بل و إعادة الإطلاع على ماسبق لنا الإطلاع عليه من جديد ، و هاأناذا مثلاً أسعى وراء كُل ما تصل إليه يدي من إبداعات د. محمد المخزنجي ، و كذا إعادة الإستماع لكُل ما يُمكنني من قراءات الشيخ أبو العنين شعيشع للقُرآن الكريم...
طارق فهمي حسين
سبتمبر ٢٠١٩
عن كتابه الهام " بوح المُبدعين " أتحدث ، حيثُ يضُم الكتاب ثلاثين حواراً صحفياً مع ثلاثين من المُبدعين و المُفكرين في مُختلف المجالات .
المُقدمة التي وضعها الكاتب أُسامة الرحيمي للكتاب جديرةٌ في حد ذاتها بأن تشملها مناهج التدريس بكُليات الإعلام و أقسام الصحافة ، فهي دليلٌ حقيقي لكُل صحفي أو طالب صحافة يأخُذ هذه المهنة على محمل الجد و الاحترام للمهنة و للقاريء و لنفسه ، فلم يبخل أُسامة الرحيمي في مُقدمته بأي من أسرار و حرفيات و آداب الحوار الصحفي كما يلتزم هو بها ، و كما ينبغي أن تكون ، ذلك علي عكس ما يفعله الكثير من الكبار - ليس في مجال الصحافة وحده - من الإحتفاظ بأسرار النجاح لأنفسهم بُخلاً بها و حرصاً على الإحتفاظ بما يظنونه " سر تميزهم " ، لم يفعل أُسامة الرحيمي مثلهم ، و إنما فتح خزانة أسرار تميزه الكبير في إجراء الحوارات الصحفية لكُل قاريء للكتاب ، و لا أظنه فعل ذلك عن " سذاجة " ، بل رُبما يتهمه البعض " بالدهاء " إذ يفعل ذلك ليتلقى المديح و الثناء ، و هو مُدرك و مُطمئن تماماً أن " بوحه " بكُل أسرار " الصنعة " ليس كافٍ وحده لمطاولة ذيل ثوب نجاح أُسامة الرحيمي ، فإرشاداته في المُقدمة مسكونة بتوافر شروط قد تكون " تعجيزية " للكثيرين ، من ذلك التمتُع بالدأب و الصبر على قراءة او مشاهدة كُل أعمال الشخصية التي سيُجرى معها الحوار، و أن يتمتع الصحفي بمخزون ثقافي كالذي بناه لنفسه أُسامة الرحيمي على مدار عقود ، فضلاً عن الحس الإنساني و الالتزام الأخلاقي الذي يتمتع به أُسامة الرحيمي ، و الذي لايتوافر إلا لقلة نادرة من البشر فما بالنا بالصحافيين ؟!
إنتقاء ضيوف حوارات أُسامة الرحيمي في هذا الكتاب إنتقاءٌ عجيب و مُثير للدهشة و الإعجاب معاً ، فكأنما شكل أُسامة الرحيمي داخل ذاته لجنة مُحايدة متنوعة الآراء و الاهتمامات و الانحيازات أيضاً فلا نجد الأسماء المُختارة تحكُمها الشُهرة مثلاً ( بالمعنى الجماهيري الواسع ) و هذا لا ينفي أن أغلبهم من المشاهير بل من الأوسع شُهرة و في مُختلف مجالات الإبداع ، من نجيب محفوظ إلى محمود حميدة ، لكننا نجد أيضاً بين الأسماء من هُم من ذوي القيمة الكبيرة و الهامة و إن لم ينلهم بريق الشُهرة الجماهيرية العريضة ربما لطبيعة إهتماماتهم و تخصصاتهم حيناً ، أو لزهدهم و ترفعهم أحياناً ، فيأتي حوار أُسامة الرحيمي ليُسلط الضوء و يُزيح الظل عن شموس جديرة بالسطوع .
كما أننا لانجد أن أُسامة الرحيمي يقتصر على التحاور مع شخصيات يؤمن بها و ينحازُ إليها مُسبقاً ، بل تتسع دائرة حواراته لتشمل البعض ممن له تحفظ أو آخر عليهم - كما يُفصح في بعض مُقدمات الحوارات ، و لعل بعضنا كقُراء يُشاركه هذا التحفُظ أو ذاك تجاه هذه الشخصية أو تلك ، و هُنا تظهر - و على مدار الحوار - التركيبة أو الوصفة السحرية لحوارات أُسامة الرحيمي الذي يأتي لمحاوره حاملاً " تحفظاته و محولاً إياها إلى " تساؤلات " محُملة بكُل التهذيب و الانفتاح علي كُل الإجابات- مُفسحاً بنعومة شديدة - المجال لضيفه لتفسير نفسه و شرح دوافعه ، و قد لمستُ كقاريء أن انفتاح المحاور أُسامة الرحيمي و استعداده لتفهُم الدوافع لدى ضيفه ، هو انفتاح حقيقي مُفعم بالإنسانية خالي من الأحكام القاسية و المثالية المزعومة ، و ليس مُجرد حيلة صحفية أو فخ منصوب للضيف ، حتي أن ذلك جعلني أنا كقاريء لديه أحياناً ذات التحفُظات تجاه هذه الشخصية أو تلك ، جعلني أخرُج من بعض الحوارات بنظرة مُختلفة للضيف عما كانت لدي تجاهه قبل قراءة الحوار !
الكلام عن هذا الكتاب / المرجع الهام يُمكن أن يطول بل و أن يُقارب عدد صفحات الكتاب ذاته ، و ذلك لشدة أهميته و لتعددُ مستويات الفهم و المعاني التي تشملها دفتي هذا الكتاب " بوح المُبدعين ".
ثلاثون حواراً مُتميزاً مع ثلاثين مُبدعاً في مُختلف مجالات الإبداع الفني و الأدبي و الإنساني ، من الشيخ أبو العنين شعيشع و د. محمود حافظ إلى سعيد شيمي و محمود حميدة و داوود عبد السيد و المُخرج المسرحي أحمد إسماعيل ، و من محمد سلماوي و أحمد عبد المُعطي حجازي إلى إبراهيم عبد المجيد و محمد المخزنجي و منى الشيمي و حتى بطرس غالي ، ثلاثون حواراً لن تجد فيها أسئلة مما عهدناه أحياناً كثيرة ، جميع أسئلة هذه الحوارات ، و بالتالي إجاباتها " منزوعة السطحية " لذا لزم التنويه .
حوارات أُسامة الرحيمي في هذا الكتاب تُعرفنا من جديد على بعض من ظننا أننا عرفناهم طويلاً و جيداً من المُبدعين ، و تُقدم لنا بعض ممن لم نعرفهم و كان يجدر بنا أن نعرفهم ، حوارات هذا الكتاب تستفزنا و تحفزنا للإطلاع علي ما لم يسبق لنا الإطلاع عليه من أعمال هؤلاء المُبدعين ، بل و إعادة الإطلاع على ماسبق لنا الإطلاع عليه من جديد ، و هاأناذا مثلاً أسعى وراء كُل ما تصل إليه يدي من إبداعات د. محمد المخزنجي ، و كذا إعادة الإستماع لكُل ما يُمكنني من قراءات الشيخ أبو العنين شعيشع للقُرآن الكريم...
طارق فهمي حسين
سبتمبر ٢٠١٩
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق