السبت، 26 مايو 2018

شاعرٌ يكتُبنا .

شاعرٌ  يكتُبنا.
======

حقا لم يرزقني الله موهبة الشعر ، لكنه سبحانه الرزاق عوضني بأن دلني قبل فوات الأوان على أشعار أمين حداد ، و لماذا أمين حداد تحديدا و لدينا من جواهر شعراء العامية آخرون منهم من يعتبر أمين حداد نفسه تلميذا لهم أو إمتداد " ينتحل " التواضع لهم كفؤاد حداد و صلاح جاهين و بيرم التونسي ... فلماذا أمين حداد تحديدا ؟
الإجابة ببساطة و صدق أن أولئك العظام الذين ذكرتهم ، و آخرون سواهم شعراء كبار أقرأ لهم مجلا منبهرا طربا ، أما أمين حداد فشاعر يقرأني ( و غيري ) فيكتب عني ( و عنا ) ما يحول غياب الموهبة و الأدوات بيني و بين كتابته !
حتى أنني تراودني صورة طريفة أرى فيها نفسي فلاح بسيط لا يقرأ و لا يكتب و لكن يجيش صدره بالمشاعر و خبرات الحياة و مذاقاتها المتنوعة ، جالسا إلى جوار مكتب على رصيف الحياة و يملي مكنونات نفسه و ذكرياته و هواجسه على " الباش شاعر " أمين حداد الجالس خلف المكتب مبتسما يهز رأسه بهدوء العارفين ليضع كل ذلك شعرا على الورق ، و ألاحظ أنه يكتب ما أقول حتى قبل أن يسمعه بل و قبل أن أمثل أمام " مكتبه " هذا ! إذ يبدو أن واقع الأمر أننا ، ربما لأننا أبناء جيل واحد و وسط إجتماعي و سياسي و ثقافي واحد ، فقد ركبنا معا ذات القطار الذي يسير بنا في ذات الطريق و توقف بنا حينا في ذات المحطات ، و فوت بنا معا محطات أخرى ، و عشنا سويا ، و من قبل سابق معرفة ، حوادث و مآسي و طرائف ذات الرحلة ، و نشأنا و نما وعينا على إيقاع ذات الحركة لذات القطار الذي يسير بنا - فيما يبدو - إلى ذات الوجهة ...
خلاصة الأمر أنني لو كنت شاعرا لكنت : أمين حداد !
حتى شوفوا :
=====
أمين حداد - موال المنام

أبوياَّ جانى فى منام وسمعت تنهيده
قلّب عليَّ اللى راح بقديمه وجديده
وفضلت أقول المثل وأعيده وأزيده
عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيدُ
راح الزمان اللى ماسك جمرته فى إيده
وجه زمان نشوان فرحان بأناشيده
فتح البيبان صبيان بيبيعوا ويتاجروا
وكل واحد أخد بقشيش على أجره
فجرُ بأية حالٍ عدت يا فجرُ
وحبايبك السهرانين قبل السحر هاجروا
لما القمر قالهم "انفجروا أو موتوا"
ثم اختفى فى ظلامه وموته وسكوته
والكشافات نورت أصفر على الساحات
والطبله دقت وشقت صوتها فى السماوات
نزلوا بنات الحانات على الواحده يتمايلوا
ليلُ بأية حالٍ عدت يا ليلُ
يا ليل حبيبى اللى كان فى إيديا مش طايله
عدت جنازته على البساتين وكان شايله
عصافير حمام ويمام وكناريا وبلابل
أبكى عليه يا ريح واتشاهدى يا سنابل
أبكى عليه يامّاىَّ وخديه فى أحضانك
سحى عليه الدموع واقرى فى قرآنك
حاسبى عليه من الهوا واحميه من الزحمه
قلبه اللى كان خافض جناح الذل والرحمه
إيده اللى ماسكه الفانوس بتنور العتمه
حسّه الجميل العميق ساكن ورا الكواليس
قاعد بينشد ويحكى بنطلون وقميص
حسّه اللى ساكن ضلمه فى المعتقل
لسّه صداه الطويل فى المغارات فى الجبل
ينزل جميع القرى ويدق فوق بابها
ويقعد فى وسط الجنود اللى حموا ترابها
لابسين خوذات بالشبك واقفين على الجبهه
ويغنى وسط الفرح يوم خميس والحد
والميّه فوق القزاز فى محل بيع الورد
ويغنى لاجل الضنى بحلاوته وغلاوته
ويبكى لاجل الفراق المُر وقساوته
موتُ بأية حالٍ عدت يا موتُ
رجعت اللى راح بقديمه وجديده
وفضلت أقول المثل وأعيده وأزيده
عيدُ بأية حالٍ عدت يا عيدُ .
من ديوان : " ريحة الحبايب "
للشاعر أمين حداد
طارق فهمي حسين
إبريل ٢٠١٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق