السبت، 8 فبراير 2020

فنان المسرح السوري: فرحان بُلبُل.

 فنان المسرح السوري: فرحان بُلبُل.

حضرت بالأمس الندوة التي استضاف فيها أتيليه القاهرة المسرحي السوري الكبير الأُستاذ/ فرحان بُلبل، وهذه هي الندوة الثاية التي أحضرها له خلال اليومين الماضيين؛ حيثُ كانت الأولى بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وهذه كانت المرة الأولى التي أتشرف فيها بالتعرُف على هذا المسرحي الكبير، وبلقائه شخصياً.
في كلتا الندوتين أدهشني وسحرني حديثه وتجربته الفريدة والطويلة في التأليف والإخراج، وأيضاً النقد المسرحي. خمسٌ وأربعون عاماً قاد خلالها هذا الرجُل فرقته المسرحية المُستقلة في مدينة حمص السورية الغالية، صنع مسرحاً للناس وبالناس،وبأقل الإمكانيات مُبتعدًا عن البهرجة المسرحية والديكورات الفخمة، ومعتمدًا على قوة النص والإخراج والأداء المسرحي وحدهم؛ فضلًا عن التماهي مع واقع مجتمعه وقضايا مواطنيه، وجاب بعروضه أنحاء سوريا الشقيقة طولًا وعرضًا؛ حتى عام ٢٠١١؛ فأجبر تفجر الأوضاع فرحان بلبل وفرقته على التوقف.
وخيرًا فعل من استضافوا هذا العملاق المسرحي العربي الفريد؛ والذي لم أسمع عن تجربة جادة وثرية مثل تجربته سوى تجربة قرينه المصري الكبير المُخرج المسرحي الرائع الأُستاذ أحمد اسماعيل مع فرقة مسرح شُبرا باخوم في مسرح الجُرن عبر عقود طويلة، لذا فقد كان من الطبيعي أن يلمس كُل الحاضرين في الندوتين التآخي والتفاهم بين الرجلين اللذين يتحدثان لُغة واحدة هي لغة الفن الصادق المتلاحم مع بيئته وجماهيره، حيث جلس كلا من مخرجنا الكبير أحمد اسماعيل وزميله الكبير الشقيق فرحان بلبل يتبادلان الحديث عن تجربتيهما، ويشيد كلاهما بتجربة الآخر.
ندوة الأمس في أتيليه القاهرة كانت بحق مُمتعة وثرية، أدارها بوعي وثقافة وتميز الفنان التشكيلي أحمد الجنايني رئيس مجلس إدارة الأتيليه، وازدانت القاعة بحضور متنوع ومُتميز من الفنانين والُمثقفين، وثارت حوارات وقضايا هامة عبر مداخلات متميزة لعدد منهم مثل الشاعر الجميل الأستاذ رجب الصاوي، وفنانة المسرح الأستاذة نهاد أبو العينين وغيرهم، وأضاءت الندوة بحضور أساتذة كبار مثل الأستاذ الصحفي والمثقف الكبير أسامة الرحيمي الذي عزف بذكاء عن المشاركة في الحوار حين دُعي لذلك مُعلنًا تنازله عن الوقت المُخصص له ليضاف إلى الوقت المتاح للفنان فرحان بلبل لنستزيد من حديثه وثقافته وتجربته المتميزة.
حضرت أيضًا الروائية الكبيرة الأُستاذة مُنى الشيمي،والشاعر الفلسطيني الأُستاذ خالد الجبور، والذي تستضىء القاهرة بحضوره للمرة الأولى؛ والذي نتمنى أن يتكرر مرات ومرات بإذن الله، والطبيبة الفنانة د. فاطمة قمر؛ والتي مارست هوايتها المُعتادة في التصوير الحصري للأُستاذ أحمد اسماعيل !
أُثيرت في الندوة أيضًا قضية الفُصحى والعامية ( الأزلية، والسرمدية فيما يبدو) وشارك في النقاش حولها الشاعر رجب الصاوي، والفنان أحمد الجنايني، والأستاذ عبد الرحيم الحجراوي؛ والفنانة نهاد أبو العينين وغيرهم، وصل البعض إلى أن عاميتنا المصرية " لُغة" وليست " لهجة" وأبحر البعض بعيدًا في الاتجاه الآخر، لكن النقاش كله شاء هذا الطرف أو ذاك أم أبى كان محكومًا بالـ ٢٨ حرفاً للأبجدية العربية.
سائلتُ نفسي: لم لا تستضيف وزارة الثقافة المصرية فرقة حمص المسرحية وربانها فرحان بلبل ليستأنفوا ما قطعته الأحداث في سوريا الشقيقة ويقدموا عروضهم في مسارح مصر؛ خاصة وأنني قد تأثرت( وتنبهت ) بشدة حين قال فرحان بلبل أن فرقته بدأت عروضها منذ خمس وأربعين عامًا بعرض مسرحية " مأساة الحلّاج" للشاعر المصري صلاح عبد الصبور.
فاتحت الأستاذ أسامة الرحيمي في هذا الاقتراح؛ فأجابني ببداهة: مش لما " يستضيفوا" أحمد اسماعيل وفرقة الجرن الأول؟!
ابتلعت سؤالي وسذاجتي وانصرفت إلى بعض شجوني، عفوًا، شئوني!!!

طارق فهمي حسين
فبراير ٢٠٢٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق