الجمعة، 23 ديسمبر 2022

#يوم_جميل

#يوم_جميل
أمس الإثنين ٧ يونيو ٢٠٢٢ كان يوما جميلا، فبعد أيام طويلة من الكمون بالمنزل نزلت إلى وسط القاهرة- مسقط رأسي ومهد الطفولة والصبا والشباب- فمررت على مكتبة صديقي "عبد التواب كتب نادرة" بشارع صبري ابو علم حيث ترك لي نسخة هدية من ديوان " الارتفاع المسموح متر" للشاعر الكبير بهاء جاهين وكنت قد بحثت طويلا عن دواوينه دون جدوى( وأظن أنه قد آن أوان إعادة طبعها) ثم توجهت إلى شارع " عيون الحرية"- محمد محمود سابقا- في زيارة أولى لمكتبة " البلد" والتي وجدتها مكانا جميلا شديد النظافة حسن التنسيق ويتلألأ بالجميل من الكتب، مكان مثير للبهجة ؛ وزاده بهجة استضافته لحفل توقيع الروائية المشاغبة نهلة كرم لروايتها الجميلة بحق " خدعة الفلامنجو".
بمجرد دخولي إلى المكان لاحظت البهجة والسعادة التي أشاعتها في الحاضرين نتائج جوائز الدولة وعلى نحو خاص استحقاق- ولا أقول فوز-- الروائي والكاتب والإنسان الجميل Ibrahim Abdel Meguid إبراهيم عبد المجيد لجائزة النيل، غمرتنا جميعا سعادة الحاصلين بأنفسهم على الجائزة وهذا لما في قلوب الجميع من حب وتقدير للأستاذ إبراهيم عبد المجيد .
استقبلني الصديق العزيز مصطفى الطيب Mustafa El-Tayeb مرحبا بابتسامته الواسعة الصادقة، وصافحني بوده الصادق دائما صديقي العزيز الجميل الأستاذ محمود عبد الشكور Mahmoud Abd El Shakour وكذلك "صاحبة الفرح" الجميلة نهلة كرم، بينما وجدت أخي الغالي أسامة الرحيمي وقد سبقني بالحضور وحجز لي مقعدا إلى جواره في الصف الأول.
كانت ندوة ممتعة إذ توافرت لها كل عناصر الجمال والنجاح: الراوية والرواية يتنافسان جمالا، ومصطفى الطيب يدير الحوار ببراعته ومرحه المعتادان، أما الناقد الكبير محمود عبد الشكور فحدث ولا حرج إذ كان - كما عهدناه دائما- خير قارئ وخير محلل وخير مفسر فأضاف للنص الجميل جمالا فوق جمال، فضلا عن المداخلات القيمة والذكية من جمهور الندوة رفيع المستوى، والتي أثلجت صدري وطمأنتني أن بلادي ما زالت تنجب أجيالا تعرف كيف تكتب وتعرف أيضا كيف تقرأ... هي مصر التي لا تكف عن أن تكون جميلة مهما ادلهم الظلام.
سعدت بلقاء عدد من الأصدقاء وتبادلت مع صديقي الجميل الفنان رفيق الطويل Rafik Al Taweel التقاط الصور المعتادة،
أسعدتني نهلة بإهداء رقيق كصاحبته ، ولم أتمكن من الحصول على إهداء من المبدعة نورا ناجي Nora Nagi على نسختي من مجموعتها القصصية الفذة " مثل الأفلام الساذجة" بحجة أن " شاشة الكيندل" لا تصلح للكتابة عليها بالقلم الجاف🤔، لكن ذلك لم يفت في عضدي فاستبدلت الإهداء بصورة مع نورا وغلاف الكتاب على شاشة الكيندل.
نزلنا من مكتبة البلد منتشين بالندوة الممتعة وبلقاء الأصدقاء وعرجنا أخي أسامة الرحيمي وأنا على دار ميريت حيث استقبلنا بحفاوة بالغة الأستاذ محمد هاشم، وأسعدنا الحظ بوجود د. نبيل عبد الفتاح الكاتب والباحث السياسي الكبير، وبفائض المحبة الذي يملكه قدمني إليهما أخي أسامة مشددا على الإسم الثلاثي( كما أحب وأحرص) ، فجرى على لسان كل منهما أطيب الذكر عن أبي وسيرته العطرة المشرفة فكانت جلسة طيبة وحديث ممتع ومفيد، وتكرم د. نبيل والأستاذ محمد هاشم بإهدائي نسخة من أحدث مؤلفات د. نبيل وإصدارات ميريت وهو كتاب " الحرية والحقيقة- تحديات الثقافة والمثقف المصري" وتكرم د. نبيل بإهداء رقيق على الكتاب، عند انصرافنا أوصلنا أ. محمد هاشم للباب ونظر لي باسما مصرحا: "أبوك كان أخف دم في مصر"... لا تدري يا أستاذ كم أسعدتني هذه العبارة💚
كنت ، لدى دخولنا للعمارة التي يوجد بها مقر دار ميريت، قد لاحظت أن لافتة " عاش هنا فؤاد حداد" لا تزال غائبة، وكنت قد فهمت من قبل أنها نزعت لتجديدها، فلعل المانع خيرا!
غادرت أخي أسامة ووسط البلد كله سعيدا منتشيا متجدد النشاط و... جعااااان!
عدت لبيتي نحو الحادية عشر ليلا لأجد زوجتي هي الأخرى لم تتناول طعاما منذ وجبة الإفطار وتنتظرني- كعادتها- " علشان نتغدى سوا"!
طلبنا طعاما بالتليفون و" تغدينا" عند انتصاف الليل، وتخوفا من مشاكل الهضم جلسنا نشاهد التلفاز حتى الفجر، صلينا، وواصلنا المشاهدة حتى السادسة صباحا ثم نمت بعد يوم لطيف جدا سيكون خير زاد يعينني على جولة جديدة من الكمون البيتي.
طارق فهمي حسين
٨ يونيو ٢٠٢٢
======

#ولاد_ابو_درّاج #كأس_العالم

#ولاد_ابو_درّاج
#كأس_العالم
في قريتنا الصغيرة الجميلة بمحافظة الشرقية توجد أُسرة من بُسطاء القرية تحمل اسم" أبو درّاج" يعملون بالزراعة كأُجراء أو مُستأجرين لمساحات صغيرة وأحيانًا يذهب بعضهم إلى سوق منيا القمح ليبيع بعض الفواكه والخُضر.
منذ أكثر من عقدين ونصف كنت أجلس مع أبي رحمه الله وبعض الأهل تحت تكعيبة العنب أثناء قيام حسن ابو درّاج وزوجته وشقيقه بالعمل بهمة في جمع محصول العنب، أخذت أراقبهم وهم على مسافة فلاحظت أن الشقيقين " أبو درّاج" يتبادلان الكلام والضحك أكثر مما يعملان فعلًا في قطف عناقيد العنب، في حين تعمل الزوجة بدأب وجَلد فتجمع أضعاف ما يجمعان! وحين اقتربوا ثلاثتهم من " تكعيبة العنب" حيثُ نجلس بدأت أصواتهم تتناهى إلى مسامعنا فاكتشفت أن الشقيقين يتبادلان النكات والنوادر الطريفة بخفة ظل تفوق فرقة ساعة لقلبك في عز مجدها، بينما لا تكف الزوجة عن حثهما على مزيد من الجدية في العمل وتخفيف العبء عنها، فلا يكون منهما إلا أن يشبعانها " تريقة" ولكن بشكل ودود لطيف فتضطر إلى الضحك الذي وجدنا أنفسنا نحن" الجالسون تحت التكعيبة" نشاركهم فيه لخفة ظلهم الملفتة، لكن مع احتداد الشمس على رأس زوجة حسن أبو درّاج وتساقط قطرات العرق من جبينها بدأت تضيق بتكاسلهما الممزوج بالسخرية فصاحت بمقولتها" التاريخية":
" اهو انتو كده يا ولاد ابو درّاج.. ما ناخُدش منكم غير التأييط والتُمُؤلت"!
وبالبحث في شتى المعاجم وجدت أن " التأييط والتُمُؤلت" هما كلمتان مترادفتان من مفردات اللهجة العبقرية لأهلنا في الشرقية وتحملان معنى" السخرية والتريقة" ، فأما التُمُؤلُت فتأتي من المألتة أي المألسة كما ننطقها في القاهرة، وأما "التأييط" وقد عرفنا معناه فلم أعرف له مصدرًا وقد حارت فيه وخلت منه المعاجم.
تمنياتي بمُشاهدة مُمتعة لكأس العالم لكرة القدم.
طارق فهمي حسين
نوفمبر ٢٠٢٢

Like
Comment
Share

ليلة خروج البرازيل

  • ليلة خروج البرازيل


في الغالب الأعم فإن جيلي من المصريين يشجعون البرازيل ، فنحن آخر جيل شاهد بيليه على أرض الملعب، ومهما أتى من موهوبين على مدار أجيال تالية يبقى بيليه هو الطعم الأصلي لكرة القدم، ولا أنسى يوم أخرجونا مبكرين من مدارسنا لنلحق بمشاهدة بيليه في مباراة الأهلي وسانتوس على أرض ستاد ناصر الدولي، ثم توالت أجيال من اساطير الموهوبين في فريق البرازيل الذي كان دائما أكثر فريق يجتمع فيه أكبر عدد من المواهب في وقت واحد، لكنه كثيرا ما كان الفريق الأكثر إحباطا لمريديه في أرجاء المعمورة، ودائما ما كان الحزن يخيم على جماهير الكرة المصرية ليلة خروج البرازيل، وهو حزن لم يعادله في مجال الرياضة سوى حزننا للهزائم النادرة للملاكم الأعظم محمد علي!
السمة العامة لفريق البرازيل على مدار أجياله تذكرني بالولد حاد الذكاء عظيم المواهب ومتعددها الذي يستبدل التفوق الدراسي اللائق بذكائه بالاستمتاع بالتزويغ من المدرسة وارتياد حفلات السينما الصباحية واللهو مع أقرانه وحب بنت الجيران، هكذا فريق البرازيل يستمتع بلعب الكرة في حد ذاته… بالترقيص والاستعراض والسخرية من الخصم غير آبه للفوز، أو ربما يأبه له لكن لا يحرص على التماس أسبابه… المهم الاستمتاع بالكرة وحسب، وكأننا نستطيع أن نشبه فريق البرازيل بلاعب كرة الشراب الإسطوري ابن امبابة سعيد الحافي !
وأخيرا دائما ما يستدعي خروج البرازيل التراچيدي -شبه المعتاد- إلى ذهني ذلك المقال العبقري الذي كتبه في مناسبة كهذه كاتبنا الراحل الرائع أحمد بهجت في بابه المسحور في جريدة الأهرام " صندوق الدنيا" حين خرج فريق البرازيل من البطولة كما فعل اليوم فكتب أنه جلس حزينا مكتئبا فقالت له السيدة الفاضلة زوجته متعجبة وانت زعلان كده ليه؟ هو انت برازيلي؟ فأجاب غاضبا: أيوه أنا برازيلي واسترسل يشرح أن البن الذي يشربه ويسري في دمائه برازيلي وأن… وأن… في مقال من أعذب وأطرف ما قرأت لواحد من أجمل كتاب مصر .
رحم الله كاتبنا الكبير ، ورحم سنوات وعقود عشناها وعاصرنا فيها أحداثا جساما في شتى المجالات الجاد منها والترفيهي ، ويبقى فريق البرازيل وانكساراته قبل انتصاراته جزء أصيل من وجدان جيل من المصريين وربما من أقرانهم في أرجاء المعمورة …جيل يتأهب للملمة أوراقه تمهيدا للمغادرة.
طارق فهمي حسين

#سقوط_البطل_التراجيدي

#سقوط_البطل_التراجيدي


سعدت جدا بفوز المغرب وأحلم بأن يفوزوا بكأس العالم، فأنا عربي وتسري في عروقي دماء هاشمية قرشية اختلطت بدماء شرقاوية وصعيدية مصرية وكذا بدماء مغربية تعود لمدينة فاس، فكيف لا تكون فرحتي بفوز المغرب فرحة لا حدود لها؟ هي كذلك بالفعل.
لكن فرحتي العارمة اعترتها غصة إنسانية حين رأيت الفتى الذهبي كريستيانو رونالدو يخرج من الملعب باكيا...
تاريخ من الموهبة والجهد بل والسحر وإمتاع جماهير الكرة في العالم كله صنعته أقدام ورأس هذا الفتى النابه العنيد، لكنه الزمن .. الزمن الذي وصفه شاعرنا الكبير أمين حداد بأنه " شغال على طول"
(الزمن ما فيهوش دلوقتي
الزمن شغال على طول
والحياة حزنها فوق طاقتي
عشتها ومتها مذهول )
غير أنه ليس الزمن وحده لكن أيضا الكثير من التربص والعدوانية التي أحاطت بمسيرة كريستيانو حتى أن الرئيس السابق للفيفا بلاتر وقف يوما علانية يقلد مشية كرستيانو ساخرا منه !
فضلا عن صفات " البطل التراجيدي" التي ابتلي بها هذا اللاعب الفذ من تكوين نفسي وميل يكاد يكون قدريا لاتخاذ القرارات الخاطئة في التوقيتات الخاطئة، إلى افتتان يكاد يكون مرضيا بالذات، ثم تزامن سطوع نجمه مع نجم آخر هو الساحر الآخر ليونيل ميسي وقد وضعهما القدر في مواجهة مباشرة ومقارنة دائمة على مدار معظم مشوارهما الكروي عبر توزعهما بين قطبي الكرة الإسبانية.
ولست هنا بصدد حسم المقارنة بين هذين النجمين / الظاهرتين، وربما كان ميسي هو الأكثر واقعية وإدراكا لأن " الزمن شغال على طول" وبالتالي يدير العلاقة بين الموهبة و" المقدرة" وفقا للممكن والمتاح بفعل "الزمن"، أما فتانا التراجيدي فينطلق كطفل غاضب مندفعا من تحت العشرين شاخصا نحو الأربعين غير آبه لزمن أو حتى لقوانين الفيزياء ذاتها فكان من الطبيعي والمتوقع والمحتوم أن تأتي النهاية إغريقية الملامح والمذاق .
سيبقى ميسي واحدا من أفذاذ كرة القدم وسيوضع اسمه لامعا بين نجومها التاريخيين... أما كريستيانو رونالدو فسوف يخلد اسمه على نحو آخر تماما، فإلى جانب ذكره مع ميسي وغيره من عمالقة اللعبة ، لكن مكانه أيضا سيكون بين الأبطال التراجيديين في شتى المجالات وسيبقى هذا المشهد الأخير جزءا من " الميثولوجيا" إن جاز التعبير!
طارق فهمي حسين
ديسمبر ٢٠٢٢

#عيد_ميلاد_أحمد_حدّاد #_الفنّان

#٢٧_نوڤمبر
#عيد_ميلاد_أحمد_حدّاد
#_الفنّان


تمنوا معي عيد ميلاد سعيد وعُمر مديد وإبداع دائم لصديقي الجميل أحمد حدّاد الشاعر والسيناريست والمُمثل والمُخرج وأخيرًا المُغني والمُلحن( !).
أما عن علامة التعجُب فقد وضعتها بالنيابة عمن لا يعرفون بحق من هو أحمد حدّاد فتأتي دهشتهم من كُل هذه الأوصاف مُبرّرة، لكن لا عُذر لهم فكم دعوتهم لحضور حفلات فرقة " رترو" التي أسسها ويقودها أحمد حدّاد ليتعرفوا عن قُرب إلى هذا الشاعر الممسوس بالفن بجميع أشكاله وتجلياته، وهذا " الشمول الإبداعي" أعتقد أنه موروث من جده لوالدته شاعر مصر الكبير صلاح چاهين الذي كانت تتسابق في جنبات نفسه الزكية مواهب الشعر والرسم وكتابة السيناريو وحتى التمثيل الذي ربما كان لا يرضى فيه عن نفسه بينما أحببناه جميعًا في أدوار " المعلم طرزان" و" بدير" وغيرها.
أحمد حدّاد الشاعر هو الامتداد الجميل لقطبي شعر العامية المصرية والد الشعراء فؤاد حدّاد وفيلسوف الشعر صلاح چاهين، وهو صاحب العديد من الدواوين الشعرية الجميلة والتي بدأ في نشر أولها ربما في سن الرابعة عشر ومن دواوينه الأحدث، : عزيزي فلان- بطلوع الروح- مزاج سيادتي- التوقيت المحلي لمدينة البهجة.
وهو صاحب العديد من أجمل وأنجح الأغاني على مدار عقود رغم أنه- بعد - مازال عُمريًا في مرحلة الشباب .
هو صاحب واحدة من أجمل أغاني يحيى غنّام وفرقته الموسيقية" في الغربة واحشيني"
وهو صاحب التتر الشهير لمسلسل الأطفال الناجح" ظاظا وجرجير"
، وهو أيضًا صاحب واحدة من أهم أغاني ثورة ٢٥ يناير إن لم تكن أهمها على الإطلاق، والتي يبدأها بأمنية خالدة:
" هات لي يا بكرة صفحة جديدة
حُط لي مصر ف جُملة مُفيدة"
أما أحمد حدّاد السيناريست والمُخرج السينمائي فيذكرني بالصديق الراحل الكبير شفيع شلبي الذي كان يعتنق مبدأ " المؤلَف السينمائي الشامل" غير أن الراحل الكبير كن معنيًا بالسينما الوثائقية، أما الحاضر الجميل أحمد حدّاد فمنشغل بالسينما الروائية مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا حيث يكتب ويُخرج ويمثل ، وأيضًا ينتج بإمكانياته المادية الشخصية فيما يُعرف بالسينما المستقلة ، حتى أننا نراه يحمل الكاميرا ومعدات التصوير على كتفه ويتنقل بها في سيارات الأجرة والموصلات مستعينًا بفريق عمل من الفنيين والممثلين المتطوعين حبًا في فن السينما وأيضًا- وهذا هو الأهم- حبًا في أحمد حدّاد وإيمانًا بموهبته ورؤاه الفنية.
ثم هناك أيضًا أحمد حدّاد مؤسس فرقة " رترو" الغنائية والتي يقول عنها بنفسه أنها " حلمه الموسيقي" وواقع الأمر أن هذا الحلم يتحول بالفعل إلى واقع جميل يزداد تشكلًا وتحققًا يومًا بعد يوم وحفلًا تلو الآخر. يتكون القوام الأساسي للفرقة من أحمد حدّاد نفسه ومعه اثنتان من أجمل الأصوات الغنائية الشابة وهما فاطمة عادل بصوتها العذب ذو المذاق الشعبي وربما الريفي الجميل، وداليا الجندي بصوتها السماوي المذاق المُثقف الأوتار إن جاز التعبير، فيتكامل الصوتان الجميلان ولا يتنافسان ويتكامل معهما حضور أحمد حدّاد المسرحي المُلفت وأشعاره الجميلة المُشاغبة حينًا والحالمة حينًا والمتمردة في كل الأحيان. أما عن باقي قوام الفرقة فيتشكل على نحو يمكن وصفه " بالديموقراطية الشعبية التعاونية" فمن حفل لآخر تتغير الوجوه فيتبدل عازفون حسب ظروفهم، وتنضم أصوات جميلة أخرى فيبدو أحمد حدّاد ورفيقتيه الأساسيتان كالقطب الجاذب لكل من تتيح له ظروفه من الموهوبين لأن ينضم ولو بشكل مؤقت ، وهي تجربة قد تبدو غريبة لكني أراها تجدد دماء الفرقة باستمرار ولا تتيح للصدأ أن يعلوها أو كالنهر الجاري الذي لا ركود فيه. افرقة رترو - في تصوري - هي الابن الثاني الذي يحق لأحمد حدّاد أن يفخر به بعد ابنه الجميل النابه " يحيى".
يبقى أحمد حدّاد المُمثل والذي تعرف عليه الجمهور على نطاق واسع ضمن كوكبة من شباب الموهوبين قدمهم لنا فيلم " أوقات فراغ" عام ٢٠٠٦ ، واليوم وبعد نحو ستة عشر عامًا من عرض الفيلم قد يرى البعض أن زملاء أحمد حدّاد من الممثلين في هذا الفيلم قد قطعوا أشواطًا على طريق النجومية أبعد مما قطع أحمد حدّاد، ولا أقول لهؤلاء أنهم ليسوا " مُحقين" لكني أُذكرهم بأن أولئك الموهوبين الشباب تنحصر مواهبهم، أ هكذا اختاروا لأنفسهم، في فن التمثيل وهم محقون في ذلك، أما أحمد حدّاد فهو ليس مجرد مُمثل موهوب وإنما هو " قبيلة كاملة من الموهوبين" في فنون عدّة كما بينت في السطور السابقة، وليست حركة فرد حُر على درب واحد كحركة قافلة من المواهب على دروب شتى كما في حالة أحمد حدّاد الذي لا أنسى في نهاية سطوري- وقد أطلت- أنني أكتب احتفالًا بعيد ميلاده السعيد دومًا بإذن الله.
كُل سنة وانت طيب ومُبدع وجميل يا أبو يحيى يا سليل الجمال والمواهب العظيمة.
طارق فهمي حسين
٢٧ نوڤمبر ٢٠٢٢
روابط مهمة:
أغنية في الغُربة واحشيني
تتر ظاظا وجرجير
كليب صفحة جديدة

عيد ميلاد أحمد حدّاد - الإنسان- الصديق

#٢٧_نوڤمبر

#عيد_ميلاد_أحمد_حدّاد
#الإنسان_الصديق
اليوم عيد ميلاد صديقي الشاعر والفنّان متعدد المواهب والإبداعات أحمد حدّاد، عيد ميلاد سعيد يا صديقي وعقبال ١٠٠ سنة و١٠٠ فيلم و١٠٠ ديوان و١٠٠ حفل لفرقة رترو.
أما عن أحمد حدّاد الإنسان والصديق ففضلًا عن الأدب الجمّ، فإن انطباعاتي المتواضعة عنه بعد سنوات من الصداقة الجميلة؛ أنه ذلك " الصامت المُتأمل" ، فأنت تأنس إلى صحبة أحمد حدّاد لكن ليس لك أن تأمل في تبادل الكثير من الحوار معه، وقد يظن من لا يعرفه أنه شخص غير اجتماعي أو مترفع عن الاختلاط بالآخرين، وهذه خدعة كبيرة وظلم فادح، فالفتى حدّاد يجلس بيننا نعم لكنه - في غالب الأحوال يُحلّق في عالمه الخاص باحثًا عن وسيلته التالية للتعبير عن أفكاره وأحلامه وثورته الداخلية، هذا رأس ملئ بالأفكار والمعتقدات والمبادئ، فهل يعبر عنها هذه المرة عبر قصيدة أم ديوان كامل أو ربما أغنية، وإذا كانت أغنية فهل يلحنها بنفسه؟ أو يغنيها بصوته؟ أم ليكن فيلمًا دراميًا يكتب له السيناريو والحوار ويخرجه أيضًًا؟ وإذا كان فيلمًا هل يجعله قصيرًا ؟ أم تتحمل الفكرة،والإمكانات المادية أيضًآ إذ ينتج أفلامه على نفقته الشخصية! هل يتحمل الأمر أن يجعله فيلمًا روائيًا طويلًا كما فعل في فيلمه الأحدث " أما عن حالة الطقس"... تساؤلات كثيرة وأفكار مُحلّقة أتصور أنها هي التي تمنع أحمد حداد - في أغلب مشاهداتي له عن قرب من المشاركة في أي حديث عائليًا كان أو بين جمع من الأصدقاء سوى بأقل قدر من الكلمات رغم قاموسه الواسع والذي يضن به على الحديث العادي مدخرًا إياه لإبداعاته الشعرية والفنية...عدا عن مرات معدودة نجحت فيها في الانفراد به في زيارة منزلية شرفني بها أو لقاء في أحد " الكافيهات" فانفردت به فكانت مشاركته الكاملة في الحديث أمر لا مهرب منه، ويعلم الله كم قصيدة أو فكرة افتقدها جمهور أحمد حدّاد بسبب تلك الساعات التي اضطررته فيها للانطلاق في الكلام؟!!!
من ملامح إنسانية صديقي أحمد حدّاد أيضًا إحساسه العالي جدًا بالناس، بالضعفاء منهم، والكائنات وحتى بالأماكن، هذا الإحساس العالي الموروث والمكتسب أيضًا بحكم المواهب المتعددة استدعى بالضرورة أن كل من يلقاه يحبه ويأنس إليه رغم " غموضه الصامت أو صمته الغامض" ، فنرى مثلًا أن فنانين كبار مثل المخرج الكبير خيري بشارة والمخرج المسرحي الكبير حسن الجريتلي لا يجدون أي غضاضة في الظهور في مشاهد قليلة أو حتى مشهد واحد في أي أعماله ولو كان حتى مشهد صامت كما تفضل الفنان الجميل مجدي عبيد الدالي وفعل في فيلم حدّاد الأخير.
هكذا هو أحمد حدّاد الموهوب العظيم والإنسان الرقيق كما أراه، أما أحمد حدّاد الفنان متعدد المواهب فالحديث يطول ولا يفي، فانتظروني ربما في بوست تال.
طارق فهمي حسين