الجمعة، 23 ديسمبر 2022

ليلة خروج البرازيل

  • ليلة خروج البرازيل


في الغالب الأعم فإن جيلي من المصريين يشجعون البرازيل ، فنحن آخر جيل شاهد بيليه على أرض الملعب، ومهما أتى من موهوبين على مدار أجيال تالية يبقى بيليه هو الطعم الأصلي لكرة القدم، ولا أنسى يوم أخرجونا مبكرين من مدارسنا لنلحق بمشاهدة بيليه في مباراة الأهلي وسانتوس على أرض ستاد ناصر الدولي، ثم توالت أجيال من اساطير الموهوبين في فريق البرازيل الذي كان دائما أكثر فريق يجتمع فيه أكبر عدد من المواهب في وقت واحد، لكنه كثيرا ما كان الفريق الأكثر إحباطا لمريديه في أرجاء المعمورة، ودائما ما كان الحزن يخيم على جماهير الكرة المصرية ليلة خروج البرازيل، وهو حزن لم يعادله في مجال الرياضة سوى حزننا للهزائم النادرة للملاكم الأعظم محمد علي!
السمة العامة لفريق البرازيل على مدار أجياله تذكرني بالولد حاد الذكاء عظيم المواهب ومتعددها الذي يستبدل التفوق الدراسي اللائق بذكائه بالاستمتاع بالتزويغ من المدرسة وارتياد حفلات السينما الصباحية واللهو مع أقرانه وحب بنت الجيران، هكذا فريق البرازيل يستمتع بلعب الكرة في حد ذاته… بالترقيص والاستعراض والسخرية من الخصم غير آبه للفوز، أو ربما يأبه له لكن لا يحرص على التماس أسبابه… المهم الاستمتاع بالكرة وحسب، وكأننا نستطيع أن نشبه فريق البرازيل بلاعب كرة الشراب الإسطوري ابن امبابة سعيد الحافي !
وأخيرا دائما ما يستدعي خروج البرازيل التراچيدي -شبه المعتاد- إلى ذهني ذلك المقال العبقري الذي كتبه في مناسبة كهذه كاتبنا الراحل الرائع أحمد بهجت في بابه المسحور في جريدة الأهرام " صندوق الدنيا" حين خرج فريق البرازيل من البطولة كما فعل اليوم فكتب أنه جلس حزينا مكتئبا فقالت له السيدة الفاضلة زوجته متعجبة وانت زعلان كده ليه؟ هو انت برازيلي؟ فأجاب غاضبا: أيوه أنا برازيلي واسترسل يشرح أن البن الذي يشربه ويسري في دمائه برازيلي وأن… وأن… في مقال من أعذب وأطرف ما قرأت لواحد من أجمل كتاب مصر .
رحم الله كاتبنا الكبير ، ورحم سنوات وعقود عشناها وعاصرنا فيها أحداثا جساما في شتى المجالات الجاد منها والترفيهي ، ويبقى فريق البرازيل وانكساراته قبل انتصاراته جزء أصيل من وجدان جيل من المصريين وربما من أقرانهم في أرجاء المعمورة …جيل يتأهب للملمة أوراقه تمهيدا للمغادرة.
طارق فهمي حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق