#ولاد_ابو_درّاج
#كأس_العالم
في قريتنا الصغيرة الجميلة بمحافظة الشرقية توجد أُسرة من بُسطاء القرية تحمل اسم" أبو درّاج" يعملون بالزراعة كأُجراء أو مُستأجرين لمساحات صغيرة وأحيانًا يذهب بعضهم إلى سوق منيا القمح ليبيع بعض الفواكه والخُضر.
منذ أكثر من عقدين ونصف كنت أجلس مع أبي رحمه الله وبعض الأهل تحت تكعيبة العنب أثناء قيام حسن ابو درّاج وزوجته وشقيقه بالعمل بهمة في جمع محصول العنب، أخذت أراقبهم وهم على مسافة فلاحظت أن الشقيقين " أبو درّاج" يتبادلان الكلام والضحك أكثر مما يعملان فعلًا في قطف عناقيد العنب، في حين تعمل الزوجة بدأب وجَلد فتجمع أضعاف ما يجمعان! وحين اقتربوا ثلاثتهم من " تكعيبة العنب" حيثُ نجلس بدأت أصواتهم تتناهى إلى مسامعنا فاكتشفت أن الشقيقين يتبادلان النكات والنوادر الطريفة بخفة ظل تفوق فرقة ساعة لقلبك في عز مجدها، بينما لا تكف الزوجة عن حثهما على مزيد من الجدية في العمل وتخفيف العبء عنها، فلا يكون منهما إلا أن يشبعانها " تريقة" ولكن بشكل ودود لطيف فتضطر إلى الضحك الذي وجدنا أنفسنا نحن" الجالسون تحت التكعيبة" نشاركهم فيه لخفة ظلهم الملفتة، لكن مع احتداد الشمس على رأس زوجة حسن أبو درّاج وتساقط قطرات العرق من جبينها بدأت تضيق بتكاسلهما الممزوج بالسخرية فصاحت بمقولتها" التاريخية":
" اهو انتو كده يا ولاد ابو درّاج.. ما ناخُدش منكم غير التأييط والتُمُؤلت"!
وبالبحث في شتى المعاجم وجدت أن " التأييط والتُمُؤلت" هما كلمتان مترادفتان من مفردات اللهجة العبقرية لأهلنا في الشرقية وتحملان معنى" السخرية والتريقة" ، فأما التُمُؤلُت فتأتي من المألتة أي المألسة كما ننطقها في القاهرة، وأما "التأييط" وقد عرفنا معناه فلم أعرف له مصدرًا وقد حارت فيه وخلت منه المعاجم.
تمنياتي بمُشاهدة مُمتعة لكأس العالم لكرة القدم.
طارق فهمي حسين
نوفمبر ٢٠٢٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق