الجمعة، 23 ديسمبر 2022

#سقوط_البطل_التراجيدي

#سقوط_البطل_التراجيدي


سعدت جدا بفوز المغرب وأحلم بأن يفوزوا بكأس العالم، فأنا عربي وتسري في عروقي دماء هاشمية قرشية اختلطت بدماء شرقاوية وصعيدية مصرية وكذا بدماء مغربية تعود لمدينة فاس، فكيف لا تكون فرحتي بفوز المغرب فرحة لا حدود لها؟ هي كذلك بالفعل.
لكن فرحتي العارمة اعترتها غصة إنسانية حين رأيت الفتى الذهبي كريستيانو رونالدو يخرج من الملعب باكيا...
تاريخ من الموهبة والجهد بل والسحر وإمتاع جماهير الكرة في العالم كله صنعته أقدام ورأس هذا الفتى النابه العنيد، لكنه الزمن .. الزمن الذي وصفه شاعرنا الكبير أمين حداد بأنه " شغال على طول"
(الزمن ما فيهوش دلوقتي
الزمن شغال على طول
والحياة حزنها فوق طاقتي
عشتها ومتها مذهول )
غير أنه ليس الزمن وحده لكن أيضا الكثير من التربص والعدوانية التي أحاطت بمسيرة كريستيانو حتى أن الرئيس السابق للفيفا بلاتر وقف يوما علانية يقلد مشية كرستيانو ساخرا منه !
فضلا عن صفات " البطل التراجيدي" التي ابتلي بها هذا اللاعب الفذ من تكوين نفسي وميل يكاد يكون قدريا لاتخاذ القرارات الخاطئة في التوقيتات الخاطئة، إلى افتتان يكاد يكون مرضيا بالذات، ثم تزامن سطوع نجمه مع نجم آخر هو الساحر الآخر ليونيل ميسي وقد وضعهما القدر في مواجهة مباشرة ومقارنة دائمة على مدار معظم مشوارهما الكروي عبر توزعهما بين قطبي الكرة الإسبانية.
ولست هنا بصدد حسم المقارنة بين هذين النجمين / الظاهرتين، وربما كان ميسي هو الأكثر واقعية وإدراكا لأن " الزمن شغال على طول" وبالتالي يدير العلاقة بين الموهبة و" المقدرة" وفقا للممكن والمتاح بفعل "الزمن"، أما فتانا التراجيدي فينطلق كطفل غاضب مندفعا من تحت العشرين شاخصا نحو الأربعين غير آبه لزمن أو حتى لقوانين الفيزياء ذاتها فكان من الطبيعي والمتوقع والمحتوم أن تأتي النهاية إغريقية الملامح والمذاق .
سيبقى ميسي واحدا من أفذاذ كرة القدم وسيوضع اسمه لامعا بين نجومها التاريخيين... أما كريستيانو رونالدو فسوف يخلد اسمه على نحو آخر تماما، فإلى جانب ذكره مع ميسي وغيره من عمالقة اللعبة ، لكن مكانه أيضا سيكون بين الأبطال التراجيديين في شتى المجالات وسيبقى هذا المشهد الأخير جزءا من " الميثولوجيا" إن جاز التعبير!
طارق فهمي حسين
ديسمبر ٢٠٢٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق