السبت، 30 ديسمبر 2017

عندما انتحل سيد مكاوي شخصية " خالي ".

عندما إنتحل سيد مكاوي شخصية " خالي "!


كان الشيخ سيد مكاوي من أصدقاء طفولتي ، نعم فقد كان "عمو سيد" .
و كانت تجمعني به سهرات عائلية طويلة  ضمن كوكبة بديعة من فناني و مثقفي مصر من صحبة أبي و رفاقه ، تلك السهرات التي كان زهرتها و محورها الشيخ سيد مكاوي و صوته العذب و عوده الساحر و موسيقاه الأصيلة الثمينة ، فضلا عن روحه المرحة و حديثه الجذاب و أخلاقه الملائكية ، و في البدايات و لحداثة سني و سذاجته كنت أتصور أن " عمو سيد " مجرد هاو عظيم الموهبة ! و كنت أسائل نفسي مندهشا : هو ليه مش بيغني و يشتهر مع إنه " كويس أوي " !! و يوم أشركت أبي في تساؤلاتي إنفجر ضاحكا حتى دمعت عيناه و أجابني بأن الشيخ سيد هو من كبار الملحنين في مصر و العالم العربي بالفعل ، و لأني ولدت مبالغا في الإستقلالية و كذا رباني أبي فقد تلقيت المعلومة بتحفظ و صرت أتابع الإذاعة و التلفزيون بشكل مكثف مقتفيا إسم "عمو سيد" في كل ما يذاع من أغاني  فيتضح لي يوما بعد يوم حقيقة مكانته التي حاول أبي أن يوضحها لي حين سألته ، و الحقيقة أن ما إتضح لي هو حجم شهرته الواسعة المستحقة ، إذ أن مكانته كانت محفورة في وجداني دون حاجة لتقصي أو تتبع ، مكانته كعملاق من عمالقة فن الموسيقى و التلحين ، و مكانته كإنسان شديد العذوبة و النقاء ، و هي المكانة التي كبرت يوما بعد يوم منذ كنت طفلا أسعدته الظروف بصحبة الشيخ سيد مئات المرات في سهرات عائلية و ثقافية فنية و في المصيف و المناسبات الخاصة فتقاسمت معه و مع أسرته الجميلة الخبز و الملح ، زوجته الفاضلة الفنانة التشكيلية و الأستاذة الجامعية " طنط زينات " التي مازالت إحدى لوحاتها المحفورة على الخشب لبائع العرقسوس تزين جدارا في بيتي ، و كريمتيه إيناس دائمة الإبتسام و أميرة الصغيرة الوديعة ... و سبحت معه في بحر أبي قير و وصفت له - بطلب منه -  كل تفاصيل ما أراه على الشاطيء  ، و ضحكت طويلا على نكاته و قفشاته شديدة الذكاء سريعة البديهة ، حضرت في شقته في المصيف في المندرة المُتاخمة للعصافرة  ( كانت له مقولة : إحنا بتوع العصافرة بنخضر كل صفرا ) عيد ميلاد إبنته الصغرى أميرة و غنينا معه : " أميرة لكن أمورة ..." و حضر في قريتنا - إكراما لخاطر أبي - زفاف إبنة عم لي بل و شدا يومها بأغنية يا مسهرني  (في حياة أم كلثوم ) ، و بعد ذلك بسنوات حضر خطبة شقيقتي الصغيرة  "أمل" و غنى مرتجلا " ياصلاة الزين على فهمي حسين " ... و " الغالي علينا غالي و أمل كويسة " ، و هي تسجيلات مازلتُ أحتفظ بها حتي اليوم ، و أسمعها كُل حين مُستعيداً بعضاً من زمن كان جميلاً بل في غاية الجمال . 
و في بدايات حياتي العملية  تعرضت لمشكلة جسيمة في شركة كنت أعمل بها ، و كان أبي خارج البلاد ، فاتصلت أمي بالشيخ سيد مكاوي و روت له المشكلة ،فطلب التحدث إلي و سألني عن إسم المسئول الذي بيده الحل فأخبرته ، فإتصل به - دون معرفة شخصية - " أنا سيد مكاوي و إبن أختي عندكم و له مشكلة كذا كذا ....
في صباح اليوم التالي كانت المشكلة قد تم حلها على أفضل ما يكون و ظل ذلك المسئول بالشركة بعدها و طوال سنوات عملي بالشركة يتودد إلي و يحملني السلام " لخالي " ... لم يكن الشيخ سيد في هذا الموقف يستغل نفوذا  أو جاه أو منصب  ما و إنما كان رصيده  الذي لا ينضب موهبته و موسيقاه و حب الناس من المحيط إلى الخليج ....
و الحقيقة أن هذا التداعي لتلك الذكريات العزيزة تأتى من خلال كلمات تلك الأغنية الجميلة التي وضعها الصديق الأستاذ أسامة الرحيمي على صفحته على فيسبوك  فأثارت في النفس شجون و ذكريات غالية لا تعوض ...
رحم الله أبي الذي كان نافذتي على ذلك العالم السحري النبيل ... و رحم  الشيخ سيد مكاوي ... عمو سيد ، أو " خالي المُنتحل "...و رحم زمنهم الجميل ...
                

                                                         طارق فهمي حسين
                                                            يونيو ٢٠١٧

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

ذكرى ميلاد صلاح جاهين .

ذكرى ميلاد صلاح جاهين .
=====

صباح الخير يا مصر و كُل سنة و إنت طيبة .
النهارده عيد ميلاد صلاح جاهين
عيد ميلاد البهجة و الدهشة و الحُزن النبيل أيضاً
النهارده عيد ميلاد “ صحصح “ و الليلة الكبيرة و روائع مسرح العرائس اللي إتربى عليها خيال و وجدان أجيال
النهارده عيد ميلاد أجمل ما كُتب في العامية المصرية من رُباعيات على وجه الإطلاق 
النهارده عيد ميلاد الكاريكاتير العبقري اللي صنع مجد مجلة صباح الخير ، و خلى ملايين تستنى جورنال الأهرام كُل يوم علشان تشوف صلاح جاهين راسم و قايل إيه ، الكاريكاتير اللي أنصاف الموهوبين بيسرقوا منه لحد دلوقت و بيصنعوا لنفسهم أسماء !!!
النهارده عيد ميلاد “ مُمثل “ سينمائي كلنا حبيناه في أدواره القليلة رغم إنه ماكانش راضي عن تمثيله !!!
النهارده عيد ميلاد الراجل اللي من حُبه في مصر أهداها سُعاد حُسني و محرم فؤاد و فؤاد قاعود و ناس جميلة كتير ، و كمان أهداها من صُلبه بهاء و أمينة و سامية جاهين و شارك في إهداءها أحمد و سلمى حداد و عمر جاهين
النهارده عيد ميلاد صديق طفولتي اللي كان بيشدني من البابيون مُداعباً و كنت بحب شكله أوي “ عمو صلاح أبو شكل جميل “
كُل سنة و انت طيبة يا مصر طول ما بتتردد في جنباتك و بتتكتب على حيطانك أشعار صلاح جاهين.
طارق فهمي حسين
٢٥ ديسمبر ٢٠١٧

الأحد، 24 ديسمبر 2017

عيد ميلاد " زيكو "

عيد ميلاد " زيكو "


اليوم عيد ميلاد أخي و صديق عُمري م. زكريا نظيف
و هاتين الصورتين لا تُمثلان كُل عُمر صداقتنا ، فالأقدم فيهما ليست أقدم ما بيننا ، بل أننا وقت هذه الصورة كُنا أصدقاء “ من زمااان “
كما أن الصورة الأحدث فيهما ليست أحدث ما بيننا ، فالصورة مضى عليها عدد لا بأس به من السنوات
عرفت “ زيكو “ في نحو سن الحادية عشرة و نشأنا معاً إخوة وأصدقاء في النادي و الحي السكني ، تبادلنا الزيارات المنزلية مبكراً فدخل كلانا في نسيج أسرة الآخر ، و تبادلت أمهاتنا صواني الحلويات منزلية الصُنع ، و تبادلتا الحب و الإحترام و الرضا عن صداقة الأبناء .
كنت حين أزوره منذ المرحلة الإعدادية فالثانوية فالجامعية و ما تلاها أجلس معه مبهوراً في حضرة والده العظيم الراحل عمي محمد مُنيب نظيف ذلك الرجُل النادر هاوي التصوير الفوتوغرافي إلى حد الإحتراف ، نستمع سوياً إلى أحاديث ذكرياته و عُصارة حكمة الحياة التي عاشها و يُقدمها لنا بود و تواضع .
لم تجمعني بزكريا زمالة دراسة في أي من مراحل التعليم المدرسي أو الجامعي ، لكن من خلاله أصبح زُملاء فصله من الحضانة و حتى بكالوريوس الهندسة ، أصبحوا ضمن دائرة أصدقاء عُمري الضيقة جداً … حُسام و شريف ، و شريف و علي ، و طارق .
أثناء دراسة زكريا بهندسة القاهرة رأى وبعض من زملاءه أنهم يحتاجون لدراسة اللُغة الألمانية لتساعدهم في تخصصهم ، و كنت قد تخرجت من شعبة الاقتصاد بجامعة الأسكندرية و لم ألتحق بعمل بعد ، فذهبت معهم إلى معهد جوته لتلقي كورسات اللُغة الألمانية ، دون إحتياج حقيقي بالنسبة لي سوى أنها فُرصة للمزيد من الوقت في صُحبة زكريا .
في أحد أعياد ميلادي أهداني زكريا زجاجة عطر من ماركة “ بينو سلفيستر “ الشهيرة في ذلك الوقت و التي كانت البارفان المُفضل لزكريا ، و منذ ذلك الحين أصبحت “ بينو سلفيستر “ ضمن “ مُعتقداتي “ الحياتية ، و صارت لها معي قصة من قصص العُمر و أسراره !
كان زكريا دائماً يُصلي الجُمعة في” جامع جركس “ بشارع صبري أبو علم ، و كان لقائنا معظم أيام الجمع ( زكريا و شلة “ الفرير “ و أنا ) يحدده زكريا بأن نصلي الجمعة في هذا المسجد و نلتقي بعدها لنتوجه إلى أي مكان نحدده ، و أحياناً لو لم يسمح الوقت كان اللقاء يقتصر على وقفة مطولة بعد الصلاة أمام المسجد و حديث لا ينقطع ثُم ننصرف ، حتى أننا جميعاً أطلقنا على هذا الجامع - و حتي اليوم - جامع زكريا ، و أتذكر أنه في إحدى الفترات كان الفريق يوسف صبري أبو طالب مُحافظاً للقاهرة و كان يُصلي الجمعة دائماً في “ جامع زكريا” ، فكان زكريا في كُل جُمعة بعد الصلاة يستوقفه و يطرح معه إحدى المُشكلات و كنا نتحلق حول الرجل الذي كان ينصت لزكريا باهتمام و إعجاب و يناقش معه الأمر المطروح ، ليعود زكريا في الجمعة التالية ليستوقفه و يتابع معه ما تم في الموضوع ، و هكذا !

بعد الإنتهاء من الدراسة الجامعية قرر زكريا الهجرة من مصر بحثاً فقط عن الحياة المُتحضرة الكريمة ، ولا سواها ، تجمعنا في بيت أُسرته الكريمة لنحتفي به و نودعه ، كان الموقف مؤثراً للغاية ، و يفوق الطاقة العاطفية لعدد من الأصدقاء في أوائل العشرينيات من العُمر جمعتهم جُل سنوات العُمر و يقفون على أعتاب فراق أجمل من فيهم … وضع زكريا كاميرا فيديو ضخمة على حامل في رُكن الغُرفة و طلب من كُل منا أن يُسجل له كلمة تذكارية “ليجتر” مُشاهدة الشريط في غُربته .
حين جاء دوري ، غالبتُ دمعي و استجمعت عزيمتي و تلوت عليه - ناصحاً - رُباعية صلاح جاهين :

خوض معركتها زي جدك ما خاض
صالب و قالب شفتك بامتعاض 
هي كده ما تنولش منها الأمل 
غير بعد صد و رد و وجاع مخاض

            عجبي

كُنا - ز
كريا و أنا - نشترك معاً - ضمن ما نشترك فيه مما لا حصر له - في ذوقنا في الإستماع ، و كنا - حرصاً على “ الكواليتي “ نشتري سوياً نُسختين مما يقترح أحدنا على الآخر من أشرطة الكاسيت … شرائط علي الحجار الأولى ، و محمد نوح ، و محمد مُنير ، و رُبما فريقي الآبا و بوني إم ، و رُباعيات صلاح جاهين التي كانت دائماً أشبه بدليل للحياة بالنسبة لنا …
سافر “ زيكو “ إلى لندن ، و منها إلى تورنتو - كندا ، و حصل على الجنسية الكندية ، لكنه ظل دائماً يعود إلى مصر ليُصلي في “ جامع زكريا “ و يجلس بين” شلة الفرير + أنا “طارحاً أسئلته الاندهاشية ، والوجودية أحياناً ، و التي لا تنتهي و لم تنته حتى يومنا هذا .
و في كُل عودة كان زكريا يُحضر لي الهدايا الشخصية رفيعة الذوق و التي تُشبهه ، فهذا قميص من لندن بلوني المُفضل ، و تلك كوفية كشمير خضراء ، و هذا برواز خشبي عليه شعار مدينة تورنتو ، بل أنه أحضر لي يوماً نُسخة من إعلان ترشحه لإنتخابات النادي المصري في كندا ، و التي كان شعاره فيها :
“ Just say yes “
، والتي اجتازها بنجاح بالمُناسبة
و غيرها من الهدايا التي مازلت أحتفظ بها جميعاً حتى يومنا هذا باستثناء القميص بحكم الإستهلاك 
حين أراد زكريا أن يتزوج و يبني أُسرة لم يجد إلا مصر ليختار منها شريكة حياته ، فكانت الزوجة الفاضلة و الذُرية الصالحة ، و بعد بضع سنوات قضاها و أسرته الصغيرة في كندا ، شد الرحال و عاد إلى جذوره ، و عدنا جيراناً من جديد لكن هذه المرة في حي آخر ، واستؤنف بيننا ما لم ينقطع أصلاً ، وإن كان بإيقاع أهدأ بحُكم السن والأعباء العملية و العائلية لكننا مازلنا ، و سنظل ما منحنا الله من عُمر علي ذات الموجة و لهفة اللقاء و نشوة المحبة الصافية ، و ستظل جلسات زكريا و” شلة الفرير + أنا “ إحدي الواحات القليلة الوارفة التي نلتقط فيها أنفاسنا من هجير الحياة
و سيظل زكريا يطرح أسئلته الإندهاشية ، و الوجودية أحياناً ، و سيظل يضحك ملء شدقيه على سُخريتي المريرة ، و سيظل - كما عودنا - يفشل في إكمال إلقاء نُكتة سمعها دون أن يُقهقه في مُنتصفها فيعجز عن إتمامها كدأبه على مدار ما يقرُب من نصف قرن !!!
كُل سنة و إنت طيب يا زيكو يا أخي الحبيب الغالي و عُقبال ١٠٠ سنة صحة و سعادة و أماني مُتحققة و سترٌ و رضا من الله
و أُذكرك و أشدد عليك :
خوض معركتها زي جدك ما خاض
صالب و قالب شفتك بامتعاض
هي كده ما تنولش منها الأمل
غير بعد صد و رد و وجاع مخاض
عجبي
( صلاح جاهين )
=====
                                                                                                                                       أخوك 
طارق فهمي حسين
٢٣ ديسمبر ٢٠١٧

توقيع على الطبعة الأولى

توقيع على الطبعة الأولى 



أسعدني الحظ يوم الأربعاء الماضي الرابع من يناير ٢٠١٧ ، بل كوفئت على حرصي على حضور حفل توقيع رواية الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد الجديدة “ قطط العام الفائت “ ، كُنت قد علمت أن الدار ستقدم خصماً على ثمن بيع النُسخة بقيمة ٥٠٪ من السعر الأصلي و ذلك خلال حفل التوقيع ، لم يستوقفني هذا العرض شديد السخاء و قلبت شفتي السفلى على نحو ينم عن عدم المبالاة بهذا الخصم الكبير ، ذلك لسببين : الأول أنني قد سبق و إشتريت نُسختي من الرواية مُنذ اليوم الأول الذي وقعت فيه عيناي عليها و هي تستقر بالكاد على أرفف المكتبات ، و هذا - و منذ سنوات طويلة - دأبي مع  كُتاب بعينهم ، و في القلب منهم بالتأكيد الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد الذي كان لقائي الأول مع سطوره السحرية من خلال رواية “ ليلة العشق و الدم “ حيثُ سحبتها بأصابعي الصغيرة - مُنذ عقود - من بين أرفف مكتبة أبي حيثُ لفت نظري الإسم الغامض للرواية فقرأتها في جلسة واحدة ، و في تلك السن المبكرة نسبياً إنغلقت على فهمي مفاتيح الرواية القصيرة لكنها في ذات الوقت - للغرابة - سحرتني و أحسست بأنني إنتقلت إلى مرحلة أعلى من القراءة و ظللت أياماً مسحوراً يكتنفني ذلك الغموض الذي أحاطني و أنا بين صفحات “ ليلة العشق و الدم “ ثُم سحبتني السياسة و أمور أُخرى  قراءة و إهتماماً لعقود ، و حين شاب نفسي شيء من النُضج عدت إلى القراءة المتوازنة و بالتالي إلى الأدب فكان مدخلي بالضرورة إعادة قراءة “ ليلة العشق و الدم “ و منها إلى تقفي خُطى قلم إبراهيم عبد المجيد محاولاً أن أقرأ كُل ما صدر له من روايات ، و هي المحاولة التي تحولت إلى رحلة سعيدة أحرص على أن تستمر ما إستمرت بي الحياة. 
 أما السبب الثاني  لعدم مُبالاتي بذلك الخصم السخي على سعر نُسخة “ قطط العام الفائت “ ، و رغم أنني كواحد من أبناء الطبقة الوسطى أحرص بالطبع على الإستفادة من أية خصومات أو تخفيضات تُقدم على “ السلع و الخدمات “ التي يمكن أن أستفيد منها ، لكن حين يتعلق الأمر بالأدب و الثقافة فلا أدري لماذا ، عفواً ،  بل أدري لماذا لا تستوقفني التخفيضات ، و لو إستطعت لدفعت أكثر من المطلوب في رواية  أو ديوان من الشعر أو كتاب جيد في التاريخ أو السياسة أو غيرها أو في عرض مسرحي هام أو فيلم ذو قيمة عالية ، أو حفل غنائي ذو مستوى يسمو بالنفس و يُشذب ثناياها إذ أرى أن ما أدفع في هذه الحالات مهما بلغت قيمته  إنما يُمثل مُساهمة بسيطة متواضعة في “ الإنتاج “ بأثر رجعي لهذا العمل الفني أو الأدبي الذي به تُبنى العقول و تُهذب النفوس و تسمو الأرواح .    

كان حفلا جميلا حيث أفصح وجود هذا الحشد الهائل الذي “ إكتظت  “ به القاعة و وصلت إمتداداته إلى خارج مقر الدار المصرية اللبنانية و على سلالم المبنى و لا أدري إن كانت وصلت إلى الشارع على بعد ثلاث طوابق أم لا إذ كافئني حرصي على التبكير بأن أتميز بالجلوس داخل قاعة الإحتفال ذاتها و في صف رابع أو خامس كماأختار لنفسي دائماً!   أقول أفصح وجود هذا الحشد الهائل عن معان كثيرة جميلة أولها حب الناس و فهمهم لأدب إبراهيم عبد المجيد و رواياته المدهشة ، و منها أن الثقافة في مصر و تعطش الناس لها مازالا بخير ، و ذلك فضل يعود لكتيبة الأدباء و الفنانيين الذين يثابرون على صنع فن و أدب صادق و جميل ، تلك الكتيبة التي في القلب منها ، بل يقود أحدى أهم فصائلها - الرواية - إبراهيم عبد المجيد أحد أهم صناع الوجدان المعاصرين و مبشروا الغد و كاشفوا آفاقه. .
رأيت في الحفل أيضا جانبا إنسانيا رائعا في كاتبنا الكبير إبراهيم عبد المجيد الذي كانت هذه الفرصة الثانية في حياتي لأن ألتقيه شخصيا ، بعد صحبة سنوات طويلة عبر سطوره المبدعة ، إذ أحسست به حريصاً - و بتلقائية شديدة - على أن يحتوي جميع الحاضرين ، على كثرتهم بنظراته المُرحبة المُمتنة و لفتاته و تعليقاته الودودة حتى أنني أعتقد أن كُل واحد من الحضور وصله إحساس بأنه شخصياً ضيف شرف الحفل المُميز ! و لمن يُعايش عالم إبراهيم عبد المجيد الروائي ، و يُدرك مدى إحساسه بالناس و الشوارع و الحواري و مدى إرتباطه بالواقع الذي يرويه و يضم شخصياته نابضة بالحياة بين دفتي كل واحدة من رواياته ، من يُدرك ذلك لابد بالضرورة أن يتوقع بداهة أن يكون إبراهيم عبد المجيد في حفل توقيع أحدث رواياته كمثل أبو العروسة الذي يستقبل أهله و ناسه و يرحب بهم جميعاً بل و كُل على حده قدر المُتاح وسط هذا الحشد .
على صعيد الحدث ذاته فقد كانت الدراسة النقدية القيمة ذات المستوى الأكاديمي التي قدمها د. يُسري عبد الله بمثابة  منح القاريء مفاتيح أساسية لقراءة الرواية من منظور نقدي راقي فكانت تلك الدراسة مناسبة تماما لذلك الجانب من الحضور من صفوة الأُدباء و المثقفين  ، في حين أتي التحليل الشيق و التأمُلات الذكية و الشاعرية أحياناً للرواية من جانب د. محمد الشحات في متناول البُسطاء من الحاضرين من أمثالي ، فتكامل العرض النقدي لكلا الأُستاذين الكبيرين ليحتويا جمهور الحضور على تنوعه ، لذا  فإن الجهد الرائع الذي قام به كلا الناقدان الكبيران د. يسري عبد الله و د. محمد الشحات و وضعاه بسلاسة بين يدي الحضور مثلا إضافة عالية القيمة للقاريء المُقبل على مُعايشة رواية “ قطط  العام الفائت “ و لعل هذا هو دور النقد الأدبي في إحدى أجمل تجلياته في تلك الليلة الرائعة من ليالي إبراهيم عبد المجيد .

أما الدار المصرية اللبنانية و ما تتصدى لنشره من إبداع بل و ما “ تتجاسر”  على نشره ، مما أفصحت عنه الأرفف المُحملة بالدُرر الثقافية من كُل الأجيال و تيارات الأدب و الفكر و التاريخ على جانبي قاعة الإحتفال ، فلا توفيها تحية أو شُكر و يكفي ما يفصح عنه إسم الدار ذاته حيثُ  أن الجمع بين مصر منبع الثقافة العربية و لبنان منارة الطباعة و النشر يختصر الكثير مما يُمكن أن يُقال ، فقط أُوجه مُلاحظة إلى الدار ، و يدعمني فيما أقول هذا الإكتظاظ بالحاضرين الذي نوهت عنه في بدايات كلامي أنه حين يكون الحدث متعلقاً بعمل لإبراهيم عبد المجيد أو لمن هم في قامته الإبداعية ، و هم قليلون ، أعتقد أن الأمر يحتاج إلى قاعة في سعة إستاد ناصر الدولي !!!
أخيراً ، و على المستوى الشخصي ، فإن ما ذكرته من حرصي الدائم على إقتناء نُسختي  من أعمال إبراهيم عبد المجيد و هي بالكاد تستقر على أرفف المكتبات ، هذا الحرص أتى فيما يبدو بعض ثماره حين لاحظت أن جميع النُسخ على الأرفف و بين  أيدي الحضور تحمل تلك العلامة الجانبية الحمراء مُشيرة إلى إنتمائها إلى “ الطبعة التانية “ في حين غادرت أنا وحدي تقريباً الإحتفال بعد إنتهائه مشدود القامة مُنتفخاً بغرور ،  حاملاً توقيع الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد على نسختي من الطبعة الأولى .

طارق فهمي حسين 

يناير ٢٠١٧

الجمعة، 15 ديسمبر 2017

قصة حزينة .

قصة حزينة .

نقض عهدهما ، ففارقت ، فمات كمداً.
تمت

                                                                       طارق فهمي حسين
                                                                      ٢٠١٧



الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

أنيس عبيد.

أنيس عبيد.
======



في ذكراه السنوية التاسعة و العشرون نشرت أسرة الراحل أنيس عبيد هذا النعي أو التنويه عن إحياء ذكراه ، في جريدة الأهرام اليوم و هذا البرواز الصغير في صفحة الوفيات حرك في نفسي الكثير من الذكريات مع مئات و ربما آلاف الأفلام الأمريكية و الغربية عموما التي كان أنيس عبيد هو الكاسر لحاجز اللغة بيننا و بين مشاهدة و فهم و الإستمتاع بتلك الأفلام على مدار عقود ، فهو بحق كما وصفته أسرته في خبر إحياء ذكراه : رائد ترجمة الأفلام بالشرق الأوسط ، و أنا شخصيا أنتمي إلى أحد تلك الأجيال التي لم تعرف مترجما للسينما الأجنبية سوى أنيس عبيد و ذلك لعقود طويلة كما ذكرت ، حتى غادر دنيانا فبدأت تظهر و تتعدد الأسماء و الجهات التي تتولى الترجمة لكن يبقى أنيس عبيد رائدا منفردا و صاحب توجه أخلاقي واقعي مرتبط بقيم و أخلاقيات المجتمع العربي الذي كان يترجم له و هو صاحب " البدائل " الشهيرة لألفاظ السباب و ما شابه مثل " اللعنة " و يا وغد ، إلى آخر تلك المفردات البديلة التي ربما يتندر بها البعض الآن و يصورونها على أنها سذاجة في الترجمة غير مدركين إلى أي مدى كان أنيس عبيد إبنا لمجتمعه مخلصا لقيمه و أخلاقياته .


طارق فهمي حسين

١٥ أكتوبر ٢٠١٧

البارون الإشتراكي

البارون الإشتراكي
========


هذا الرجُل الأسطوري الذي يُطل من هذه الصورة هو المُناضل و الصحفي و السياسي المصري فاروق القاضي أو ( أحمد الأزهري ) كما إختاره لنفسه إسماً حركياً طيلة سنوات ، بل عقود نضاله الطويلة في صفوف الثورة الفلسطينية بعد أن أدى دوره طويلاً في صفوف الشعب المصري و نضاله ضد الإستعمار البريطاني ثُم في صفوف ثورة ٢٣ يوليو .

فاروق القاضي طالب كُلية الحقوق عضو اللجنة الوطنية العُليا للطلبة و العُمال عام ١٩٤٦ ، و السكرتير البرلماني لفؤاد سراج الدين سكرتير حزب الوفد ، و وزير المالية و الداخلية و زعيم المعارضة في البرلمان في ذلك الوقت ،  و كان فاروق القاضي أيضا   عضو أساسي و فاعل في الحركة الوطنية للتحرر الوطني ( حدتو ) ، ثُم  بعد ثورة يوليو عضو الإتحاد الإشتراكي العربي و تنظيم طليعة الإشتراكيين ، و فيما بعد هو عضو حركة فتح الفلسطينية و المُستشار السياسي لقائد الثورة الفلسطينية ياسر عرفات ، و مُهندس العلاقات الفلسطينية السوفيتية بما له من تاريخ في صفوف اليسار المصري و العربي ، و علاقات شخصية وثيقة مع قادة الإتحاد السوفيتي مثل بريجينيف و جروميكو و حتى بريماكوف ، فاروق القاضي الذي ذاق طعم السجون و المُعتقلات قبل و بعد ثورة يوليو في سبيل الطبقة العاملة المصرية و في سبيل ما يؤمن به ، رغم أنه سليل الأرستقراطية المصرية حتى أن شاعر مصر الكبير عبد الرحمن الخميسي كان يُلقبه بــ " البارون الإشتراكي " و هو اللقب الذي صار لصيقاً به في أوساط اليسار المصري و العربي ، فكان الخميسي يتغنى به مُداعباً :
البارون الإشتراكي
خاين طبقته الملاكي
وسط العُمال لابس كاكي 
و يقول للجماهير أنا وياكي ...
تأملوا جيداً في ملامح هذا الرجُل و اعلموا أن تسعة عقودكاملة من النضال تُطل عليكُم من خلف هذه الملامح التي لم تُغادرها وسامتها ، و هذا الجسد الذي لم تُغادره صلابته رغم كُل ما شهد من معارك و أحداث .
و اليوم ذهبت لألتقيه و أضع بين يديه نُسخة الطبعة الجديدة من كتاب " أصل السبب " الذي خطه قلم رفيق عُمره و نضاله فهمي حسين ... أبي ... و الذي عاصر فاروق القاضي ، بل و حضر كتابة كُل قصة من قصصه .
وضعت النُسخة بين يديه ، و بعض أعداد الصحُف التي كتبت مؤخراً عن فهمي حسين و عن مجموعاته القصصية ، و حدثته عن الندوة التي إنعقدت حول أدب فهمي حسين و عن قُراء جُدد صاروا يعرفون إسم فهمي حسين ، و إنتاجه الأدبي ، و بعضاً من تاريخه الوطني و القومي و الإنساني ، أشرق وجه فاروق القاضي بابتسامة تُخالطها الدموع و أثنى على ما يسمعه مني ، أما أنا فندمت على أنني لم أبلغه في مقر إقامته الدائم حاليا في العاصمة الأُردنية عمان ، بموعد الندوة حتى يتسنى له الحضور ، و الحقيقة أنني لم أبلغه لثقتي في أنه سيحرص على الحضور و سيتكبد مشقة السفر حتى يحضر ندوة تتحدث عن رفيق عُمره و نضاله " فهمي حسين " ، لم أُبلغه إشفاقاً مني عليه في هذه المرحلة من العُمر ، لكني ما أن جلست إليه اليوم ، و كما أجلس إليه كُل بضعة شهور حين يحضر إلى القاهرة ، أدركت سذاجة ظني و فداحة خطأي ، وذلك حين وجدته ، ككُل مرة ، و كما عرفته مُنذ نعومة أظافري ، يُغرقني في حماسه و حديثه عن مُعضلات وحدة اليسار المصري ، و عن عبد الناصر و إنجازه الثوري و أُممية زعامته ، و عن الثمن الذي يُصر الغرب الإستعماري حتى اليوم أن تدفعه مصر ثمناً لدورها في العهد الناصري في تحرير إفريقيا و العرب و العالم الثالث ...
إستأذنته في الإنصراف على وعد و أمل في لقاء قريب ، و مضيت كالمأخوذ تجتاحني ذكريات و مشاعر لا سبيل إلى ترويضها و وضعها في سطور أكتبها هُنا ، و كُنت أتمنى أن أفعل ، لكن ليس إلى ذلك من سبيل فأتمنى أن يصلكم بعض مما أعني و أشعُر .
طارق فهمي حسين
نوفمبر ٢٠١٧

أن تكون نجارا .

.أن تكون نجارا
==========



مُهداة إلى روح " عم محمد الخراط " و " عم مصطفى شاهين “
 نجاري مسرح القاهرة للعرائس.
=============================================
إعتدت حين أجلس للقراءة أن أضع خلف أذني قلم رصاص أسجل به ملاحظاتي في هوامش الكتب ، و عادة وضع القلم خلف الأذن هذه إكتسبتها منذ الطفولة حين كنت أجلس في ورشة النجارة بمسرح القاهرة للعرائس حيث أراقب " عم محمد الخراط " و عم " مصطفى شاهين " و زملائهما و هم يحيلون الخشب الميت إلى عرائس جميلة تكاد تنبض بالحياة و إلى ديكورات تضع الواقع حيا على خشبة المسرح .
، كنت أراقبهم بدهشة و شغف و أراقب أدواتهم السحرية ، المنجلة و المنشار و " الفارة " تلك الأداة الجميلة المصنوعة من الخشب أيضا ، أراقبها في يد النجار و هي تروح و تجيء بحنو فوق سطح الخشب بنصلها المعدني الحاد لدرجة أن لا تسبب للخشب أي شعور بالألم - على عكس المنشار بشرشرته الغليظة - فلا تبرح السطح الخشبي إلا و قد جعلته أملسا ناعما جميلا على نحو قد يعوضه و لو قليلا عن سنوات حياته كشجرة نامية مزدهرة.
منذ الطفولة أحببت النجارين و ما يصنعون ، ليس نجاري مسرح العرائس وحدهم ، و لكن معهم أيضا أولئك الذين يصنعون الباب و الشباك ، خزانة الملابس و تخت النوم ، و الذين يصنعون آلة العود و الكمان و القانون ، دكك الفصول في المدارس ، و مقاعد العشاق في الحدائق و على ضفاف النيل .
النجارة مهنة نظيفة تتعامل مع إحدى أجمل منح الطبيعة التي صنعها الخالق و هي الأشجار ، إذ تمنح الأشجار المقطوعة حياة أخرى جديدة تتمثل في ما  يصنع النجّارون من أخشابها مما ينفع الناس و يجمل وجه الحياة .
النجارة مهنة بلا عوادم و حتى ما تخلفه في أرجاء الورش من نشارة خشب هو زائد نظيف بل شديد النظافة و الجمال في الشكل و اللون و الملمس حتى أنه كان يستخدم في فرش مداخل المباني الفاخرة بعد تنظيف الأرضيات تجملا و رقيا ، و اليوم صارت نشارة الخشب الملونة المنتظمة في رسوم و أشكال مبهجة هي أول ما يخطو فوقه العرسان و العرائس في بداية الزفة في حوارينا الشعبية و حتى العشوائية ، و هذا وحده عنصر إحساس بالجمال مفتقد بشدة في العشوائيات ، أما الأحياء الشعبية فهي الجمال نفسه كما كانت دائما .
النجارة ، إلى جانب الرعي و الحدادة ، مهنة الأنبياء و الرسل ، و لو كان قد قدر لي أن أحترف مهنة يدوية لتمنيت أن أكون نجارا أُمسك بالفارة و أربت بها على سطح الخشب الجميل و أصنع جهاز العرائس و مهد الرضيع و أرجوحة الصغار و تكعيبة العنب ... و أضع القلم الرصاص خلف أذني .

طارق فهمي حسين.
٢ ديسمبر ٢٠١٧

الاثنين، 11 ديسمبر 2017

١٣ نوفمبر

  • ١٣ نوفمبر 
  • ======




  • ذكرى ميلاد القديس عبد الرحمن الخميسي الشاعر المُناضل الكاتب الموسيقار الأديب السنيمائي ، و الأهم من كُل هذه المواهب المُتعددة : الإنسان ...
  • من عاش في مصر و الوطن العربي في القرن العشرين و لم يعرف عبد الرحمن الخميسي ، أو حتى لم يلقه و لو مرة واحدة ، فقد فاته الكثير ، فقد كان عبد الرحمن الخميسي حسب ما رأيته في مطلع شبابي و كأنه المادة الخام للإنسانية ، و كأن من " عبد الرحمن الخميسي " يُصنع الإنسان ، لكنه الإنسان في بعض من أجمل و أروع تجلياته ، الإنسان نبع الحُب و الفن و المواهب ، الإنسان الطفل الساخر المُشاغب المُتمرد ، الإنسان المُحب الذي يذوب رقةً و عشقاً و يختلط لديه حب الوطن و ترابه و جدران حواريه بحُب المرأة الجميلة المعشوقة الزوجة أُم الأولاد ... هوعبد الرحمن الخميسي الذي لم يخضع طيلة حيلته الحافلة لسُلطة أو سُلطان ، بل سخر منهُم جميعاً أينما وجدوا ، و كُلما حاولوا أن يضموا جناحيه إلى جسده و يُدخلونه إلى إحد أقفاصهم أو إحدى حظائرهم فإذا به يُلقي عليهم و على عسسهم شباك سخريته شعراً أو أدباً أو مقالاً أو أي مما لا تفرغ منه جُعبته من فنون ! عبد الرحمن الخميسي الذي يروي لنا إبنه الأديب الكبير د. أحمد الخميسي في قصته البديعة : " بيت جدي " أنه حين صحبته والدته ليزور أبيه في السجن و رآه مكبلاً بالأصفاد مع سجانه ، رفع عبد الرحمن الخميسي يده عالياً مُحيياً إبنه رافعاً بالضرورة يد السجان معه مُخاطباً إبنه الصغير : " أنظر لقد قمت بسجن هذا الرجل لأنه شقي "
    نعم هذا هو عبد الرحمن الخميسي الذي بجُملة واحدة حول سجانه إلى سجينه فقلب السحر على الساحر !
    عبد الرحمن الخميسي الذي أحب مصر التي أنجبته و أهلها الذين خرج من صلبهم حباً عظيماً فأهداهم " سُعاد حُسني " و " محرم فؤاد " و عشرات ، إن لم يكُن مئات ، من الفنانين و الأُدباء و الصحفيين الذين تعهد مواهبهم برعايته و فتح لهم طريق الوصول إلى الناس على مدار حياته كلها ، كما أهداها فلذات كبده من الأبناء بل و الأحفاد من المسكونين بإمتدادات مواهبه المُتعددة فإنطلقوا يملأون حياتنا أدباً و شعراً و موسيقى و تمثيلاًو إخراجاً ، و عن نفسي فقد دفعني حُبي " للعم " عبد الرحمن أن أقتفي أثره فيمن أسعدتني الأيام بمعرفته من أبناءه ، فهذا خالد الخميسي جار و صديق الطفولة و حرص دائم على دوام التواصل ، ثُم أسعدني الحظ أيما سعادة إذ إلتقيت د. أحمد الخميسي الذي يوماً بعد يوم يستقر في نفسي ما يُشبه اليقين بأن روح عبد الرحمن الخميسي التي لا يتسع لها جسد و لا يستوعبها عُمرٌ واحد ففاضت و إمتدت لتواصل ألقها و عطائها في جسد جديد و حياة جديدة في شخص أحمد الخميسي الذي يحمل - فضلاً عن الموهبة - الكثير من صفات القديس شكلاً و صوتاً و طيبة و خفة ظل بارك الله في عُمره ، ثُم شرفتني أيضاً صداقات جديدة عبر فيسبوك مع السيدة / ضياء الخميسي ، و السيدة عزة الخميسي ، و لهم جميعاً أقول : كُل عام و أنتم و كُل إخوتكم و الأبناء و الأحفاد بخير و سعادة تحتفلون معاً و معنا جميعاً عاماً بعد عام بالذكرى العطرة لميلاد " القديس " عبد الرحمن الخميسي رحمه الله
    و أتمنى عليكُم ، و على كُل من يعرف قيمة عبد الرحمن الخميسي أن يسعى لإعادة طبع أعماله ، و لتكريمه بما يليق به ، و كُل عام و أنتُم بخير و الذكرى حية و عطرة و موحية .


  • طارق فهمي حسين
  • ١٣ نوفمبر ٢٠١٧