صورة الزعيم
في شارع محمد بسيوني ( الأنتكخانة سابقا ) إستوقفتني طلة “جمال” فوجدتني أدخل إلى المحل قبل
أن أدرك أنها صيدلية إستقبلني صاحبها و زوجته ( أو صاحبتها و زوجها ) مرحبين مبتسمين ، و بادرني ذلك الصيدلي المخضرم قائلا : صورها ( الصورة ) لو تحب ، مش معاك موبايل ؟ ، و عقبت زوجته مديرة الصيدلية : في جنازته كان الناس ماشيين ورا نعشه بيقولوا: :
" يا جمال ياعود الفل
من بعدك هانشوف الذل "
فوجدتني أجيبها : و قد كان .
أخذ الصيدلي الودود يروي لي ذكرياته عن زمن عبد الناصر و قال لي أنه شارك في حرب تحرير اليمن مشيرا إلى ما يجري اليوم في اليمن و سوريا و ليبيا معلقا بأن : عبد الناصر كان صح لما راح سوريا و لما راح اليمن و لما دعم ليبيا
تمتمت زوجته بأسى : وحدة ما يغلبها غلاب ...
إسترسل شارحا لي : مصر مليون كيلومتر مربع بينما ليبيا مليون و ستمائة كيلومتر مربع و سكانها ٣ مليون فقط .
زوجته - مصححة - : ستة مليون
عقب : ده دلوقت
كرر : عبد الناصر ماكانش غلطان ، إحنا معاه عملنا حاجات كتير حلوة ....
لفت نظر زوجته نسختين من كتاب " أصل السبب " كنت أحملهما معي و قد وضعتهما على زجاج " البنك " أثناء حديثنا فمدت يدها تستطلع إسم الكتاب و تبعها زوجها الذي سألني فأجبته : هذه مجموعات قصص قصيرة كتبها أبي ما بين الخمسينيات و الستينيات و حتى بداية السبعينيات ، و لما رأيت على ملامحه مزيد من الإهتمام قدمت له إحدى النسختين فتناولها مرحبا فنبهته زوجته : مايصحش ده شاريهم ، فأجابها نافيا : لأ بيقولك بتوع والده .
إلى جوار صورة عبد الناصر هذه الصورة الأخرى ما أن لمحتني السيدة أنظر إليها مستفسرا حتى أوضحت ما كان واضحا بالفعل : دي صورة من ثورة ٢٥ يناير .
بعيدا عن الصورتين و إن كان على نفس الحائط و في موقع أعلى ، و لسبب لا أعرفه و لو عرفته فلن أفهمه وضع برواز ثالث خال من أي شيء أو - للأمانة - وضعت فيه صورة جنرال لم يخض يوما أية حرب لا منتصرا و لا مهزوما سوى حرب يشنها ضد الفقراء و ضد الأحرار و ضد تراب الوطن !
نظرا لما دار بيني و بين هذين الزوجين الكريمين من حوار جميل و ما أمتعوني به من ملاحظات ذكية و ذكريات مجيدة ، نظرا لكل ذلك فقد تعمدت تجاهل ذلك البرواز الثالث و لم يدفعني حتى الفضول إلى الإشارة إليه خلال الحديث إذ إكتفيت "بجمال" الحديث و لم أرد أن يشوبه ما يشوهه أو يذهب عطره .
و عند إنصرافي أعطتني " الدكتورة " كارت الصيدلية الذي يشير إلى أنها صاحبتها و مديرتها ، و سألني " الدكتور " هل عرفت إسمي ؟ أنا إسمي .... و ذكر لي إسمه الرباعي .
إنصرفت و قد بقي بعض مني داخل الصيدلية ، كما بقي تساؤل عمدت ألا أبحث له عن إجابة تفسد المشهد الجميل .
أخذ الصيدلي الودود يروي لي ذكرياته عن زمن عبد الناصر و قال لي أنه شارك في حرب تحرير اليمن مشيرا إلى ما يجري اليوم في اليمن و سوريا و ليبيا معلقا بأن : عبد الناصر كان صح لما راح سوريا و لما راح اليمن و لما دعم ليبيا
تمتمت زوجته بأسى : وحدة ما يغلبها غلاب ...
إسترسل شارحا لي : مصر مليون كيلومتر مربع بينما ليبيا مليون و ستمائة كيلومتر مربع و سكانها ٣ مليون فقط .
زوجته - مصححة - : ستة مليون
عقب : ده دلوقت
كرر : عبد الناصر ماكانش غلطان ، إحنا معاه عملنا حاجات كتير حلوة ....
لفت نظر زوجته نسختين من كتاب " أصل السبب " كنت أحملهما معي و قد وضعتهما على زجاج " البنك " أثناء حديثنا فمدت يدها تستطلع إسم الكتاب و تبعها زوجها الذي سألني فأجبته : هذه مجموعات قصص قصيرة كتبها أبي ما بين الخمسينيات و الستينيات و حتى بداية السبعينيات ، و لما رأيت على ملامحه مزيد من الإهتمام قدمت له إحدى النسختين فتناولها مرحبا فنبهته زوجته : مايصحش ده شاريهم ، فأجابها نافيا : لأ بيقولك بتوع والده .
إلى جوار صورة عبد الناصر هذه الصورة الأخرى ما أن لمحتني السيدة أنظر إليها مستفسرا حتى أوضحت ما كان واضحا بالفعل : دي صورة من ثورة ٢٥ يناير .
بعيدا عن الصورتين و إن كان على نفس الحائط و في موقع أعلى ، و لسبب لا أعرفه و لو عرفته فلن أفهمه وضع برواز ثالث خال من أي شيء أو - للأمانة - وضعت فيه صورة جنرال لم يخض يوما أية حرب لا منتصرا و لا مهزوما سوى حرب يشنها ضد الفقراء و ضد الأحرار و ضد تراب الوطن !
نظرا لما دار بيني و بين هذين الزوجين الكريمين من حوار جميل و ما أمتعوني به من ملاحظات ذكية و ذكريات مجيدة ، نظرا لكل ذلك فقد تعمدت تجاهل ذلك البرواز الثالث و لم يدفعني حتى الفضول إلى الإشارة إليه خلال الحديث إذ إكتفيت "بجمال" الحديث و لم أرد أن يشوبه ما يشوهه أو يذهب عطره .
و عند إنصرافي أعطتني " الدكتورة " كارت الصيدلية الذي يشير إلى أنها صاحبتها و مديرتها ، و سألني " الدكتور " هل عرفت إسمي ؟ أنا إسمي .... و ذكر لي إسمه الرباعي .
إنصرفت و قد بقي بعض مني داخل الصيدلية ، كما بقي تساؤل عمدت ألا أبحث له عن إجابة تفسد المشهد الجميل .
طارق فهمي حسين
أكتوبر ٢٠١٧
ذل ما بعده ذل يا حبيب الملايين..
ردحذف