عرفت الشاعر مُعين بسيسو أول ما عرفته من خلال قصيدة كانت مُقررة علينا في الصف الأول الإعدادي و كانت بعنوان " فلسطين الحبيبة " للشاعر الفلسطيني المُعاصر " مُعين بشير " !!! هكذا كان إسمه مطبوعاً في كتاب وزارة التربية و التعليم ! و أثناء مُذاكرتي للقصيدة بصوت مسموع ( و كانت المُذاكرة تشمل حفظ إسم الشاعر ) سمعني والدي القصاص و الصحفي / فهمي حسين - رحمة الله عليه - أذكر الإسم كما ورد بالكتاب فصحح لي المعلومة بأن إسم الشاعر " مُعين بسيسو " و ليس بشير و أمام إصراري على التمسك بما ورد بكتاب الوزارة ( الذي كان مُقدساً بالنسبة لي في تلك السن ) أكد لي أنه يعرف القصيدة جيداً و أنها تخُص معين بسيسو و أن الشاعر صديق شخصي له و طلب مني تصحيح الإسم لدى مُدرس الفصل ، و هو ما حدث في اليوم التالي في المدرسة ، و الأمر الرائع الذي أثار دهشتي ، و الذي يُبين كم كانوا رائعين مُدرسي ذلك الزمان - 1970 - )أن المُدرس " الشيخ المُعمم الأستاذ / عبد الجواد مدرس اللغة العربية و الدين بمدرسة القربية الإعدادية بعابدين - القاهرة ، أقول أن الأمر الرائع أن ذلك المُدرس العظيم - و بعد أن سألني عن تأكيد أبي للمعلومة - قد طلب منا جميعاً أن نُصحح الإسم في كتاب الوزارة و أن نكتب الإسم الصحيح في إمتحان آخر العام إذا ورد سؤال بخصوصه على مسئوليته الشخصية موضحاً أن إمتحانات النقل تُصحح داخل المدرسة و أنه سيبلغ زملاؤه بالتصحيح و سيُخطر المنطقة التعليمية و الوزارة ...
ثم مضت بضع سنوات حتى إلتقيت في بيروت بالشاعر مُعين بسيسو وجهاً لوجه فوجدته ليس مُجرد شخصاً يكتب الشعر ... بل قصيدة حية تمشي على قدمين
كُتلة من الصدق و الفروسية ... فلاح فلسطيني ضارب بجذوره في أرض أجداده و لا سبيل إلى إقتلاعه منها و لو باعدت بينه و بينها آلاف الكيلومترات
حين وقع حصار بيروت من قبل الجيش الصهيوني 1982 كان مُعين بسيسو خارج لبنان في رحلة عمل فتوجه إلى دمشق و دفع عشرات أضعاف السعر المعروف للرحلة من دمشق إلى بيروت لأحد سائقي التاكسي لينقله إلى بيروت مُخترقاً الحصار لينضم إلى أبناء شعبه المُحاصرين و إلى قوات الثورة الفلسطينية و قياداتها المُحاصرة و على رأسهم البطل الراحل أبو عمَار ... هكذا كان مُعين بسيسو .. و هكذا عرفته ... رحمة الله عليه و تحية له و لكتيبة أبطال هذه الأُمة الراحلين في سبيل الحُرية و العدل ... تحية من داخل حصار طال بنا في هذه الأُمة الرهينة.
طارق فهمي حسين
إبريل ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق