الخميس، 7 ديسمبر 2017

٢- صابر دردير .

٢- صابر دردير:
=========
نجمٌ لم يُحلق في سماء الفن !
================


أثناء و بعد إنتهاء دراستي بالدراسات الحُرة بالمعهد العالي للفنون المسرحية – قسم التمثيل خضت بعض التجارب المسرحية على مستوى الهواة و كذا الإحتراف ، فشاركت مثلاً في مهرجان إتحاد شباب العُمال الذي كان يُشرف عليه الشاعر فؤاد حجاج حيث شاركت مع مجموعة من شباب العُمال هواة المسرح في عرض مسرحية " الزنزانة" مُجدداً لكن في شخصية أُخرى غير التي أديتها في مشروع التخرُج بالمعهد ، فكان هذا موعدي الثالث مع " الزنزانة " ، في المرة الأولى مُشاهداً و في المرتين الأخيرتين مُمثلاً ، و هذه المرة كانت من إخراج الصديق الفنان أحمد عبادة ، مع مجموعة بديعة من الأصدقاء الأعزاء من هواة التمثيل أذكر منهم الصديق علي جمال الدين و مجدي حنفي و الصديق صابر دردير ( فني ألومنيوم ) و الصديق شريف الخواجة ( نقاش ) و كلا هذين الأخيرين كان يتمتع بطاقات كوميدية عالية جداً و كانت لهُما تجارب محدودة لكنها مُتميزة في عالم الإحتراف في مسارح القطاع الخاص ، و صابر دردير هذا تحديداً كان يتمتع – إلى جانب خفة الظل التي لا تُخطئها عين و من الوهلة الأولى ، كان يتمتع أيضاً بتكوين جُسماني و ملامح وجه كافية وحدها لتفجير الكوميديا مع أي إيماءة أو حركة تصدُر عنه ، وجه لا يخلو من وسامة لكن يعلوه تعبير غريب من المُعاناة الداخلية الشديدة و كأنما يُعاني ألماً في المعدة أو ماشابه و ما أن ينظُر إليك حتى تكتشف أن ذات التعبير الذي يعلو هذا الوجه يبدو أحياناً و كأنه محاولة دائمة لكتم الضحك سواء وجد للضحك سببٌ أم لا ! ، و جسم مُمتليء إلى حد ما قصير القامة و خطوط خارجية أشبه باالأقواس أو المُنحنيات فترى كتفه و ذراعه و ردفه و ساقه جميعاً يمثلون قوس واحد مُنتظم و مُتصل ، فكان صابر يبدو و كأنه حرفياً : بين قوسين ، كان صابر بإختصار يبدو – حرفياً أيضاً – و كأنه قد خرج من إحدى لوحات مرحلة " خط واحد " للفنان العالمي جورج البهجوري !
كانت لصابر لزماته و إفيهاته التي لا أنساها ، منها ماكان شائعاً لكن أداء صابر دردير يعطيه مذاقاً خاصاً و منها ما كان من عندياته ، كان مثلاً حين يميل على صديق طالباً سيجارة يسأله بجدية : معاك صُباع نيكوتين ؟ ، و كان أثناء البروفات يقف فجأة في وضع ثابت مُحاكياً وضع مُعين فنسأله
إيه ده يا صابر ؟
فيُجيب : " جيست فرعوني "
ثُم يتخذ وضعاً آخر مُضحكاً لا يمُت لأي شيء معروف بصلة فنسأله فيُجيب : " جيست درديري "
و كان من لزماته الدائمة حين يرى نجماً ما يتصرف بتعالي أو يلقى مُعاملة خاصة في مسرح أو ستوديو يؤدي فيه صابر دوراً صغيراً ، أن يُعلق كتفيه و يرفع كفيه لأعلى مُستنكراً و يقول بصوت مُستعار و بلثغته في حرف الراء الذي ينطقه " ياء " : " طب ما إحنا مُمثلين برضه "
أتذكر الآن "إفيه" بديع أطلقه صابر دردير و نحن في مرحلة الإعداد الأولية و توزيع الأدوار لعرض الزنزانة عند إجتماعنا في مركز شباب عابدين حيثُ كُنا نُجري البروفات حين نظر صابر إلى المُخرج أحمد عبادة و سأله بخُبث : و إنت بقى هاتاخد كام " إخراج إيدك ؟ " فإنفجرنا ضاحكين ، ( بالطبع كان العمل كُله تطوعي و مجاني ) و هذا الإفيه مازلت حتى اليوم أراه عبقرياً إذ بناه مُطلقه الموهوب على جو " الحرفيين " الغالب على المجموعة مُستعيرا المُصطلح الشائع في تلك الأوساط " أُجرة إيدك " و قد كُنت أظن وقتها أن صابر دردير تحديداً سيكون له شأن عظيم في عالم الكوميديا و المسرح لكن واضح أن دوامة الحياة و لُقمة العيش جرفته و إبتلعته شأن كثيرين منهم كاتب هذه السطور ...
  
و للحديث بقية ...
طارق فهمي حسين
٥ آكتوبر ٢٠١٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق